قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
ثلاث بحرانيات من وحي رحلة الصيف(3): صفقة سياسية كبرى في عين ثور الحضيرة
الأستاذ كريم عيسى المحروس - 2005/09/12 - [الزيارات : 7277]

ثلاث بحرانيات من وحي رحلة الصيف(3): صفقة سياسية كبرى في عين ثور الحضيرة

 

لم أكن أتوقع أن ينقلب الأمر لغير صالحي وأنا القاصد إلى الخير ، فقد رفع الإنجليزي الأعمى عكازا ممشوق الهيئة ، وانهال به على جهتي، فكان نصيبي ضربة واحدة غير موجعة على الكتف . ثم استمر الأعمى في المسير متبسما بدون أن ينطق بكلمة واحدة وكأن شيئا لم يكن . فصبرت وفي القلب شجى وفي العين قذى!.. الإنجليز ضربونا لقرن كامل في سجن المنامة فصبرنا ، أفلا نصبر على ضربة عمياء واحدة في لندن!

حدث ذلك في أول أيام وصولي إلى العاصمة لندن في مارس 1991م بعد أن قررت في صبيحة ذلك اليوم الغائم الخروج إلى شارع منطقة (ميدافل) والتجوال في أسواقه لأستزيد معرفة بالقيمة الشرائية للجنيه الإسترليني بعد أن استنزفتني أول وجبة في مطعم هندي دعوت العائلة والأطفال إليها في ليلة وفودنا على لندن وانثالت على تلك الطاولة ورقة نقدية بقيمة 50 جنيه كانت تمثل بالنسبة لي ميزانية شهر كامل في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) بسوريا.

وبينما كنت أهم بعبور الشارع الفرعي ، وإذا بشاب إنجليزي أعمى يدير بعصاه أمام قدميه كلما مشى أربع خطوات وقف إلى جانبي فجأة ،فتراجعت عن العبور كيما أقوم بالواجب المعتاد الذي جبل عليه شباب منطقة النعيم في فترتنا لكثرة مرضى العيون بسبب التراخوما والسكري ..فأخذت بعصاه لأهديه السبيل بين مركبات متزاحمة لم تتح للمشاة فرص العبور، فليس هناك (زبرا لاين) خاص بعبور المشاة.

وكانت المفاجأة .. رفض الأعمى الاستجابة إلى عوني ..امتنع عن العبور .. شد عصاه. وفي لحظة خاطفة رأيته فيها متبسما رفع عصاه موجها إياها صوبي والعجائز من حولنا يضحكون.. فتركته لوحده يقرر مصيره حتى عبر وعبرت من خلفه .

تساءلت في نفسي : لابد من أمر أجهله في ثقافة هذا المجتمع ، فلازلت حديث عهد بهم .. فصبرت حتى عرضت المسألة على احد المدرسين الإنجليز في كلية انتسبت إليها ، فلفت نظري إلى أن معاهد المكفوفين لهم ثقافة خاصة بهم تنتهي إلى زيادة ثقة المكفوف في اعتماده على ذاته وقدراته ، كما تنتهي إلى أن فقد البصر ليس سببا كافيا لتبرير تحول المصاب إلى عالة على مجتمعه . إضافة إلى ذلك ، كان رد فعل الأعمى طبيعي جدا يتفهمه المجتمع البريطاني ، وغالبا ما يبدي الأعمى سلوكا يدعو المحيطين به إلى تفهم كماله لا نقصه ، لذلك كانت ضربته لفتة وتنبيها لا نكرانا لعرفان، ولابد من مفاهيم جديدة تزرع في الوسطين الأعمى والبصير حتى يتقبل كل واحد منهما الآخر كنظراء متساوين في فرص الحياة ورؤى النظر إلى متاعها .

وبعد أربعة أعوام تقريبا على هذه الحادثة المثيرة ، جلست مع أصدقاء لي إلى جهتين بحرانيتين معارضتين : شيوعية يمثلها عنصران من (الشعبية والتحرير) ، و(إسلامية ديمقراطية) ، لا اسمي أسماءهما.

وعلى جانب الممثل (الإسلامي الديمقراطي) الذي كان يسترق السمع تمهيدا لرفع تقرير، أكد احد الشيوعيين من خلال حوار جانبي معي في لحظة ذلك اللقاء الودي على أهمية دخول (الجبهة الإسلامية التحرير البحرين) دخولا استراتيجيا في مشروع المعارضة الجديد الداعي إلى إعادة ديمقراطية 1973م ودستورها.

ولأن اللقاء لم يكن سياسيا وإنما كان وديا فرضته ظروف خاصة ، قلت مازحا : "لا تـفـعلوا فإني أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا".. فلتعتبرنا السلطة متطرفين في مواقفنا السياسية ولتظهروا انتم أنفسكم مع الديمقراطيين الإسلاميين على موقف الاعتدال فتكسبوا ما تكسبون.. فلا يهمنا الكسب!.

وقبل أن أكمل جوابي هذا ، لوح (الإسلامي الديمقراطي) بإصبعه اليّ مهددا بلغة لا تخلو من عنف ،إذ قال : "من يقف من المعارضة ضد مطلب إعادة دستور 73 سنقف ضده بقوة"!.. فسكت الجميع وخيم الهدوء ولم يشأ احد من الحاضرين الرد أو المناقشة ، فاللحظة كانت ودية جدا والحضور كانوا في ضيافة من يُقدَر ويُحترَم.. فصبرت ومن كان معي وفي القلب شجى وفي العين قذى ، ولم لا والقوم كانوا عريقين في أساليب الطعن بكل ما يمت لنا بصلة منذ ثلاثين عاما بدءا من مرجعياتنا الدينية وانتهاء بأبسط تابع ومؤمن بمساراتنا ، أفلا نصبر على القوم في لحظاتهم الحساسة الحرجة جدا وقد بُلّغوا لوحدهم بأن السلطات ستدفع ببعض عناصر لجنة الحوار إلى لندن لعرض وجهات النظر وبحث سبل تطبيق بنود الحوار.. فلربما كانوا هم ذوو الإبصار ونحن العمي فلا نبصر !.

وجرت الدنيا بركبها ونحن فيه نيام . فماتت لجنة الحوار التي انفردت بكيك النصر في قصة سرية دراماتيكية لم يعرف احد من المواطنين مجرياتها، وسقط الدستور الذي به هُددنا في حادثة أسكبت دموع (الديمقراطي الإسلامي) على منصة جماهيرية، وطرد مناضل قيادي مخلص عن دائرة الفعل السياسي الداخلي في خطبة مثيرة عززت رفيقيه في وزارة وصحيفة، وأبعد آخر إلى جمعية ثقافية لرفع شبهة التزاحم في جمعية سياسية تابعة.. ثم نحيت قوى المجتمع المدني بتشكيل لا رابط وثيق فيه فاتسعت رابطة الطلقاء بطليقين كان أحدهما رأسا ..ثم توالت قضايا التخبط والترقيع السياسي: .. تشكيل سباعي وثماني ثم رباعي ..مؤتمر دستوري..عريضة شعبية .. أحوال شخصية.. مجلس إسلامي أعلى .. قضاء وأوقاف .. انشقاق وانفصام .. فرز سياسي انفصالي ... حتى امتحنت الجمعيات في ذات منهجها ونظامها لتباع وتشترى بـ(تسجيل وتحدي)..!

ومع كل حادثة لموت لجنة أو جمعية فاشلة ، أو لتنحية مناضل لا يقبل فروض الطاعة ، أو لسقوط مشروع سياسي لا يقبل بمظلة تقيه لهيب الآخرة ، أو لتراجع موقف سياسي لا يقبل الإيمان بقطبية واحدة ، أو لانهيار مأتم أو مسجد تحت وطأة ضربات مركزية تبديها مشاريع (تصفية وتحلية إيمانية)! .. ومع كل حادثة من هذه الحوادث ، كنت أتذكر حادثة الأعمى والبصير في لندن ، فأحدث نفسي وأقول : ربما هنالك الكثير من المناضلين (المكفوفين سياسيا) وقد ثقفوا بثقافة معهدية جعلتهم يصارعون الأوهام فيجعلونها حقائق لا يدركها كل مناضل ذي بصر ثاقب ، فيحيلون نقصهم إلى كمال وتجلي "النَظّام" عشيقة ابن عربي ، فلا بد من مفهوم في الثقافة جديد مساهم ومعين في دمج أصحاب البصر والبصيرة في مجتمع (المكفوفين). وما على أصحاب البصر إلا الصبر حتى تتعزز فيهم ثقافة التعايش والاندماج مع (العمى السياسي) خلافا لما توحيه الآية الكريمة لغويا {..قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ}.

أفلا يدرك ذووا الإبصار أن عالم (المكفوفين سياسيا) هو عالم الحقيقة لا الخيال والأوهام ؟ والى متى سيبقون على بصيرتهم أفلا يعقلون ؟

نصيحتي لذوي الإبصار : أن يصبروا على مشروع تنمية التصفيات السياسية والثقافية لكونه  النصر الأول الذي حققه (المكفوفون سياسيا) منذ السبعينات فليس فيه تهافت ، وان هذا النصر سيتجلى بوضوح وكمال حين تعود البلاد إلى قطب سياسي أوحد يمثل السلطة الزمنية بكل مكوناتها القديمة ، وسلطة تقليدية دينية اجتماعية ربما تتحدد صلاحياتها في إبرام يوم الهلال ..اليوم الأول من شهري رمضان وشوال ..وهذا مبتغى (المكفوفين سياسيا) و قصارى مآربهم. وعلى ذلك أدعو أصحاب البصر والبصيرة إلى جدولة الإخفاقات والتصفيات وتنظيمها في تسلسل وتعاقب ابتدءا من لحظة اللقاءات القيادية الفردية التي جرت مع الملك خلال فترة عودة المبعدين من الخارج ، لكي يكتشفوا (ولا يبصروا) أن صفقة ربما أبرمت منذ تلك اللحظات كانت خلاصتها بيع وشراء كبير لا يصدق.. بيع كل المشروع السياسي الذي قادته المعارضة بمن فيهم صاحبنا (الديمقراطي الإسلامي) ابن دستور 1973م ، على مفهوم بصير يفيد بأنه مشروع سياسي (خليط لقيط متمرد) قادته شخصية غير حزبية ضعيفة الجانب والفكر نشأت على أنقاض تجمع منحل واستولت على كوادره ومالت بهم إلى رؤى متشابكة المصالح مع اتجاهات ترجو نصيبا لها في قسمة ضِيزَى.

علينا نحن ذوي الأبصار أن نصبر قليلا ففي الصبر متسع من الفكر.. فما كل ما جرى منذ انتفاضة 1994م إلا خلاف بسيط في ثقافة (الوهم والحقيقة) .. في ثقافة( العمى والإبصار) النسبية!.. ولا يهم مكان النصر مادام النصر في (الحضيرة) أم كان في (مفر الثور) الجديد على حد قول الشاعر في الثور الذي لم يرجع وذهبت وراءه الحضيرة :

الثور فر من حضيرة البقر.. الثور فر ،
فثارت العجول في الحضيرة ،
تبكي فرار قائد المسيرة ،
وشكلت على الأثر ،
محكمة ومؤتمر ،
فقائل قال : قضاء وقدر ،
وقائل : لقد كفر ،
وقائل : إلى سقر ،
وبعضهم قال امنحوه فرصة أخيرة ،
لعله يعود للحضيرة ؛
وفي ختام المؤتمر ،
تقاسموا مربطه، وقسموا شعيره ،
وبعد عام وقعت حادثة مثيرة ،
لم يرجع الثور ، ولكن ذهبت وراءه الحضيرة.

K_almhroos@hotmail.com

 

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م