طفولته وشبابه
ترعرع الشهيد بين كنف والديه، وكان له ثلاثة من الأخوة وخمس من الأخوات، وهو أصغرهم. تميز بحب مساعدة الآخرين وقضاء حوائج أهله وكل من احتاج إليه صغيرا كان أو كبيرا. كما كان نشيطا في خدمة المآتم الحسينية من توزيع الماء وإعداد المأكولات وتركيب السواد واللافتات الحسينية.
بلغ من العمر 23 عامأ، وكانت والدته تنتظر ذلك اليوم الذي ترى فيه ابنها عريسا ولكنه أبى إلا أن يتزوج من الحور العين.
تحصيله العلمي والمهني وهواياته
درس الشهيد حتى المرحلة الثانوية في القسم التجاري، ورغم دراسته تلك كان ماهراً في الأعمال والحرف اليدوية. فقد كان مبدعاً في النجارة وتصليح السيارات والأجهزة الميكانيكية.
اشتغل بعد تخرجه في الأعمال الحرة، فكان يساعد أخيه الأكبر في محلهم التجاري وتميز في البيع والشراء. كان يعشق العمل بدرجة كبيرة، حيث أنه يخرج منذ الصباح الباكر ولايعود إلى المنزل إلا ليلاً.
كان الشهيد يهوى السفر؛ فقد كان دائم الزيارة إلى الأماكن المقدسة خصوصاً زيارة السيدة زينب (عليها السلام) في سوريا. كان الجميع يرتاح للسفر معه وذلك لتفانيه في مساعدة الآخرين وايثارهم على نفسه وراحته.
اعتقاله وانتقاله إلى جوار ربه
بعد غروب شمس يوم السبت 19 / 7 /1998 م وارتفاع الأذان، ذهب أخيه الأكبر للصلاة في المسجد القريب من محلهم وطلب من الشهيد عمل الترتيبات اللازمة استعداداً لإغلاق المحل. في هذه الأثناء حضر بعض الرجال في لباسٍ مدني وأخذوه معهم وقاموا بإغلاق المحل وتسليم مفاتيحه للمحل المجاور له. ولما حضر أخيه استغرب من إغلاق المحل دون وجود أخيه فأخبره صاحب المحل المجاور بما جرى وأن رجالاً يعتقد أنهم من الدفاع المدني قد أخذوه معهم.
هنا خطر على بال الأخ الأكبر ما جرى في الأيام السابقة؛ وحاول معرفة السبب. فقد تم قبل أيام اعتقال صاحب الشهيد والذي كان الشهيد يعمل معه عصرا في تصليح السيارات وخصوصا سيارات المرسيدس.
حيث أُحضر لهم مؤخرا سيارة مرسيدس يملكها عسكري أردني يعمل في قوة الدفاع وطلب منهم تصليحها. فقاما بذلك، وعند تسليمها اتهمهم صاحب السيارة بالعبث بشيء ما في السيارة ؟ ما هو ؟ أنه سلاح !! يقول صاحب السيارة أنه يوجد سلاح في السيارة وقد تم تحريكه من مكانه !!. فاتهمهم بامتلاك وتهريب أسلحة وهي تهمة خطيرة في ذلك الوقت.
وفعلا بعد أيام تم اعتقال صاحب الكراج من قبل قوات الشرطة وتم إيداعه سجن القلعة والتحقيق معه من قبل المخابرات. وفي تلك الأثناء كان يتم البحث عن نوح للقبض عليه أيضاُ. والجدير بالذكر هنا أن من قام باعتقال صاحب الكراج هم رجال من الشرطة، بينما نوح تم اعتقاله من قبل رجال من قوة الدفاع المدني؛ وهذا ما تؤكده الشواهد اللاحقة.
في ظهر يوم الإثنين 21 / 7 /1998 م جاء رجل من الدفاع المدني إلى المحل وطلب من أخ الشهيد الأكبر أن يذهب معه إلى المستشفى العسكري لأمر هام جداً. وهناك وبكل برود طُلب منه أن يستلم جثة أخيه !! كيف توفي ؟! وأين توفي؟! قيل له " أن نوحاً كان في الحمام لوحده وحدث له هبوط في القلب! وتوفي، وقد أخبرونا أصحابه في السجن عن موته" .
وهنا عدة أسئلة قد تثار. كيف يذهب السجين لوحده للحمام؟ فالمعروف أنه لا يسمح لأحد بالذهاب إلى الحمام إلا بمرافقة شرطي ولا يترك لأكثر من 5 دقائق. ثم من أين جاء أصحابه وهو للتو كان قد اعتقل؟ وأصلا لا يسمح لهم بمرافقة السجين إلى الحمام؟
ثم لماذا كان موجوداً في المستشفى العسكري؟ أليست طوارئ السلمانية أقرب لو كان معتقلاً في القلعة. ولماذا كانت أغراض الشهيد معه في المستشفى العسكري؟ فمن المعروف أن أغراض السجين توضع في قسم الأمانات لحين استلامها عند الإفراج؟ ثم أنه لو كان فعلا قد تم اتهامه بامتلاك أسلحة فما سَلِم منزله من التفتيش الدقيق، وهو ما لم يحدث.
ماذا برر عادل فيلفل؟ يقول في اجتماعٍ له مع أهل الشهيد " إن قوات الشرطة ليس لها دخل في الموضوع، فنحن لدينا أناس متخصصين في التعذيب !! ويعرفون كيف ينتزعون الاعترافات دون أن يسبب ذلك قتل السجين ؟!! " . فكيف إذن قتل الشهيد سعيد الإسكافي والشهيد الشيخ علي النجاس وغيرهم من شهداء الانتفاضة المباركة.
فقد تبين بعد ذلك أن نوحاً لم يبقى طويلاً في مركز التعذيب والتحقيق فقد تم اعتقاله ليلاً واستشهد فجراً حسب شهادة الوفاة؛ وذلك إثر التعذيب الشديد الذي تعرض له، وكانت آثاره واضحة على كل أنحاء جسمه.
وسرعان ما انتشر خبر الاستشهاد فتوافد المئات من الشعب إلى مقبرة النعيم لتشييعه فكانت جنازة مهيبة حضرها الكبار والصغار حتى ووري جثمانه الطاهر الثرى. لكن تظل دماء الشهيد حية تبعث الروح والأمل في نفوس الشعب والذي لم ولن ينسى شهدائه الأوفياء.
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار