هناك التقينا
نعم هناك كان اللقاء .. مساء الاربعاء 8 يونيو 2005 ، بـ " مركز شباب النعيم الثقافي " ، في محاضرة تحت عنوان ( أمراض الدم الوراثية) أمتزج كل ما هو علمي ومحقق ودقيق مع الشعور والأحاسيس ، وكانت الغلبة للحزن فكل ما أدرت بعينيك لتتفحص كل معلومة علمية لمرض البحرين الأليم لتأخذ الأسباب بمنعه دون أن يضع يديه على قلبك ليعتصره بذكرى مرت وأخرى حاضرة أمام ناظريك.. فشلت في مهمتك !!
وهكذا بانت النتيجة إذ لم يخلو أي سؤال من أي سائل : ما هو الخلاص ؟ وإلى متى ؟ وكيف لنا ؟ وهل هي طريقة ناجحة ؟ وما البديل ؟ وهكذا ..
الكل يبحث عن خلاص .. لم يشفِ المحاضر جروحهم ، ولم يستطع تقديم مرهم فعال لآلامهم .. قدّم وعرض وبيّن وفسّر ولامس الجروح ، ووصف دواء الواقع والحقيقة ؛ ولكن كانت النتيجة كما أسلفنا بدون عنوان واضح وسريع الخلاص .. وهو أهم عامل جذبهم لتلك المحاضرة .
وقد بان وتجلى نفع مقولة قديمة لشاعرنا ( وداوها بالتي كانت هي الداء) فقصصنا حكاية العائلة البحرينية بلسان أب مجروح .. فرّد هو مرآه لنفس المأساة ولنفس الجروح مهما اختلفت التفاصيل فكلها في الهم والألم والحزن سواء.
* وبدأت الشفاه تروي الحكاية :
تقبلني وهي تقول :
- تصبح على خير، بابا.
تندس في سريرها .. ويغط الجميع في النوم ..
ما هي إلا سويعات.. حتى يشق سكون الليل صوت بكائها.. ترفع يدها اليمنى باليسرى .. تلقي بنفسها في أحضاني .. تتكسر الكلمات على شفتيها الذابلتين لتمتزج بأناتها :
- بابا.. يدي تؤلمني!
في وجوم .. يلتقي نظري بنظر والدتها .. وكأن هناك سرا بيننا نخفيه عن طفلتنا !
- " لا تقلقي حبيبتي .. ما هي إلا دقائق وينتهي الألم!"
تحبس أناتها وتغمض عينيها محاولة النوم .. وكأن كلامي طمأنها بزوال الألم .. أما أنا ووالدتها فنبقى يقظين .. وكأننا ننتظر صحوتها لنعاود تهدئتها!
وتصحو من جديد!
هل نامت تلك الدقيقتين ؟؟! .. أم كانت تتظاهر بالنوم لتختبئ عن الألم؟؟!
- " بابا .. لازالت يدي تؤلمني !"
- " نعم حبيبتي .. ولكنه سيزول قريبا "
تزيد في بكائها :
- " بابا .. إنه يؤلمني كثيرا! "
ترمقني بدموع عينيها ولسان حلها يقول :
- لا داعي للكذب .. فلن يزول الألم!!
نعم .. كشف لها الألم عن زيف الكلام !
وستكشف لها الأيام ذلك السر بيني وبين والدتها!
اقرأ في عينيها الصفراويين عتابا طويلا ! .. فهل يا ترى ستأتي حينها لتلقي بنفسها في أحضاني وتشكو ألمها كما كانت تفعل في صغرها ؟!
نعم نعم .. هي واحدة من آلاف التجارب ولكنها تجعلنا منتبهين وواعيين بالمقدار المطلوب لنخوض حرب ضروس ضد هذا المرض بلا هوادة لنصل لجيل بحريني خالي من مرض يستهلك ويحرق المشاعر و الأحاسيس قبل أن يدق العظام بلا رحمة .
لمشاهدة العرض :
اضغط هنا
لسماع الندوة :
اضغط هنا
|