النعيم ... فريق أم قرية
الاختلاف فطرة عند الإنسان وطبيعة عند المؤرخين، هذه هي سنة الحياة، أما نحن أهالي النعيم، فقد تربينا على فكرة أن النعيم في الاصل جزء من المنامة، كانت حياً (فريقاً) ثم أصبحت منطقة مستقلة، وفي الحقيقة فان هذه المقولة ظلت مشهورة بين ابناء النعيم، خصوصاً وأن الآباء والأجداد قد عاشوا هذه الفترة (فترة اعتبار النعيم جزءا من المنامة)، فإلى وقتٍ قريب كان يعبر عن النعيم بكلمة (فريق) والى وقت قريب كانت ورش اهالي النعيم ممتدة من النعيم الى سوق المنامة، والى وقت قريب كان موكب عزاء النعيم يلتحق بمواكب العزاء في العاصمة.
وقد ترسخ هذا الاعتقاد بعد صدور كتاب الأستاذ المحامي عبدالله آل سيف (المأتم في البحرين 1995م) حيث سلط الضوء على حادثة بناء سور المنامة واثرها الاجتماعي والاقتصادي على ابناء النعيم والذي ادى الى انفصال النعيم عن المنامة.(1)*
يوم تأسس هذا المأتم كانت النعيم تعتبر فريقا من المنامة 1969م
بالعودة للمصادر القديمة فإننا نجد أن المدونات القديمة تعبّر عن النعيم بمصطلح (قرية)، وهو ما سار عليه الكتاب القدامى وهو ما يثبت أنها في الأصل قرية كما أنهم يفرقون بينها وبين المنامة، والأدلة على ذلك كالآتي:-
أ. الشيخ يوسف البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين حيث يقول في ترجمة السيد هاشم التوبلان: [ وتوفي قدس سره في قرية نعيم في بيت الشيخ عبدالله بن الشيخ حسين بن علي بن كنبار لأنه كان متزوجاً بمخلفة الشيخ علي بن الشيخ عبدالله المذكور ...](2)
ب. محمد ابراهيم الكازروني (النادري) في كتابه تاريخ الجزر والمدن الساحلية في الخليج الفارسي: [ مني قرية تقع في شمال النعيم وذات مياه وبساتين](3) **
ج. الشيخ محمد علي العصفور في كتابه عيون المحاسن حيث يقول [ ... والقرى معمورة الآن أزيد من مائتين، فمنها منامة، ومنها محرق، والسماهيج، والجفير، والحورة، ورأس الرمان، ونعيم، ومني ...](4)
د. الشيخ محمد علي التاجر حيث يقول في تعداد القرى [... فغربي المنامة بلدة نعيم بصيغة التصغير، وكانت سابقاً منفصلة والآن قد اتصلت بالمنامة وهي على الساحل الشمالي وبها معامل صنع السفن الشراعية ...](5)
ه. الشيخ ابراهيم المبارك في كتابه حاضرة البحرين حيث يقول: [نعيم بضم النون مصغر نعم محلة متصلة بالمنامة من الغرب وفي سمت المنامة من الشمال على ساحل الشمالي وفيها مستشفى العاصمة وقد مهر اهلها مهارة تامة في النجارة وصناعة السفن ويتصل آخرها من الغرب بريف مني](6)
و. الملا سلمان بن سليم السهلاوي في مطلع قصيدته التي عدد فيها قرى ومدن البحرين حيث ذكر المنامة وذكر النعيم:-
[اسماهيج لمحرق قلالي الحد والدير والمنامة أوحوز أولغريفة ولجفير
اميلغة أو بني أوصداغه وبواخفير ونعيم والحورة أومعاهم راس رمان](7)
بعد هذه الطائفة من الشواهد المنقولة من كتب التاريخ والشعر، فلابد أن نشير الى أدلة أخرى تثبت استقلالية قرية النعيم تاريخياً عن مدينة المنامة وفي هذا المقام يمكن الاستدلال بما يلي:-
أ. النسبة الى النعيم، نعيمي، وبها لقب عدد من أبنائها خصوصاً من انتقل من النعيم الى أخرى كأبناء عائلة النعيمي في البلاد القديم، في حين ان النسبة لأبناء أحياء المنامة هي منامي ***
ب. استقلالية أهالي النعيم في لهجتهم، ولغتهم الخاصة بالقلاليف، خلافاً لأبناء المنامة.
ج. استقلالية النعيم في مقبرتها، حيث يدفن أبناء النعيم موتاهم في مقبرتهم الخاصة، في حين ان للمنامة مقبرة أخرى.
د. الطابع القروي الزراعي لقرية النعيم، حيث أشار لوريمر إلى أن في النعيم 800 نخلة، في حين أن في المنامة بأكملها 500 نخلة.(8)
النعيم مصنفة كحي من أحياء المنامة ضمن الدائرة الثالثة من دوائر العاصمة
في انتخابات المجلس التأسيسي 1972م
وبهذه الشواهد نستنتج أن النعيم في الأصل كانت قرية مستقلة عن المنامة، بما لها من طابع تتفرد به، ولما لها من ذكر وبصمة خاصة في تاريخ وتراث البحرين، وهذا ما اثبتناه في هذه المقالة، وبعد أن كانت منطقة مستقلة اندمجت بالمنامة، ثم عادت الآن لتصبح منطقة ً مستقلة. ويمكن لنا ان نستند على هذا الاستنتاج لنبحث في المقالات القادمة عن اصل نشأة القرية وعوامل اندماجها وانفصالها عن المنامة وعلاقة ذلك بحادثة بناء سور المنامة وغيرها من الامور المترتبة على ذلك..
وفقنا الله وإياكم لكل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علي إبراهيم السلاطنة
مصادر البحث والتعليقات:-
1. سيف، عبدالله: المأتم في البحرين. مؤسسة الأيام، المنامة، 1995م. ص149
* اعتبر سيف النعيم قرية في كتابه الصادر عام 2012م. سيف، عبدالله: مدن وقرى من بلادي. مؤسسة الايام، المنامة 2012م. ص68. ولا تعارض بين ما ورد في الكتابين حيث ان النعيم كانت قرية ثم اندمجت بالمنامة فسميت حياً، وعادت للانفصال مرة أخرى.
2.البحراني، الشيخ يوسف بن أحمد: لؤلؤة البحرين في التراجم وسير رجال الحديث. مكتبة فخراوي، المنامة، 2008. ص 61.
3. الكازروني، محمد إبراهيم: تاريخ الجزر والمدن الساحلية في الخليج الفارسي. عن النسخة الالكترونية بمدونة سنوات الجريش.
** الكتاب به نقص في الاصل واخطاء كثيرة، لا نعلم مصدر الاخطاء ان كانت من المؤلف او من الترجمة والتحقيق، ولكن لم يذكر الكاتب شيئاً عن النعيم ونعتقد أنه ذكر الا ان هذا الجزء تلف ويدخل في داخل الناقص من المخطوط، واما ذكره ان مني شمال النعيم فربما يكون خطأ في قراءة المخطوط من قبل المحقق والصحيح ان النعيم شرق مني.
4. العصفور، الشيخ محمد علي: تاريخ البحرين، عيون المحاسن ومحاسن أعلام العلماء والشعراء. دار الوسط، المنامة، 2008. ص5.
5. التاجر، الشيخ محمد علي: عقد اللآل في تاريخ أوال. مؤسسة الأيام، المنامة، 1994. ص34.
6. المبارك، الشيخ إبراهيم: حاضر البحرين. نقلاً عن النسخة الالكترونية بمدونة سنوات الجريش.
7. السهلاوي، سلمان بن سليم: ديوان شعلات الأحزان. انتشارات المكتبة الحيدرية، طهران، 1424هـ. ص260.
***يجب التفريق بين النسبة إلى قبيلة النعيم، والنسبة إلى قرية النعيم، نظراً لتطابق النسبة (نعيمي).
8. لوريمر، ج.ج: دليل الخليج- القسم الجغرافي ج4. الديوان الأميري بدولة قطر، 2002. ص205.
iwcreplicashop.com
bestofwatches.co.uk
topswiss.co.uk
|