بالرغم من مضي يوم على تاريخ استشهاد نبينا الأكرم (ص) ولكن أيام المحسنية التي يعبر عنها في اللهجة البحرانية بـ (التسقيط) تبقي ذاكرته حية في قلوبنا وتبقينا دائما في جو هذه القضية التي لها ما يؤسس لإنقاذ من الحالة التي تمر بها البحرين، وربما غيرها من مدن التشيع التي تعيش التحدي الطائفي..
وهنا وكمدخل لاستنطاق المناسبة لابد لنا من استشعار قيمة التاريخ في حاضرنا ونتجاوز مقولة (دعونا من الاستغراق في التاريخ) لأن هذه المقولة هي (الحفرة) التي أوقعتنا في الكثير من المتاهات واحدة منها (الثقة بمن لا يستحقون الثقة) وهاهم يقودوننا إلى المآزق ومصادرة الحقوق، وكيف لا يفعلون ذلك وهم صادروا حقوق أكبر نفوس لها قيمتها في الوجود وهم آل بيت النبي الأكرم (عليهم السلام) وحرموا البشرية من نعيم هؤلاء الأنوار والأخيار..
ونحن ليس بخير منهم ولا نقيس أنفسنا بهم.. ولا ما جرى علينا بما جرى عليهم.. فما جرى ويجري علينا لا يمثل عشر معشار مما جرى عليهم..
ومن هنا تأتي قيمة (استنطاق التاريخ) لـ : (إيقاظ النفوس) و (ترشيد العقول) في تأسيس علاقة محكمة في التواصل مع الآخر (المنافقون) و (الذين في قلوبهم مرض) و (المرجفون) وللنبي الأكرم(ص) إرث كبير من النصوص والإخبارات حول (عقلية وذهنية هؤلاء) وأفعالهم وما راموه لتاريخ الرسالة القادمة لولا حفظ الله الإسلام بأهله ورعاته الأئمة المعصومين (عليهم السلام)..
ليست صدمة أن تستنطق ذكرى استشهاده(ص) إنهما وأبويهما عصابة أودت بمسار الرسالة حسب التخطيط الإلهي، ولكن الصدمة هي لا أن يعيش المؤمن هذه الحقيقة في مثل هذه الذكرى ولا تتقبلها نفسيته وذهنيته، ومنشأ الصدمة هو أن الحقيقة فيمن لا يتقبل الحقيقة إنه من الذين في قلوبهم مرض..
ومن هنا جاءت أيام المحسنية – وإن كانت مستحدثة من حيث الزمان إلا أنها عريقة وأصيلة من حيث الخطاب- والتي تمتد من يوم استشهاد النبي(ص) ليلا (أي: ليلة 29 من شهر صفر) وتستمر إلى يوم السابع من ربيع الأول، لتواصل تكريس هذا الوعي في الأمة أو (الجماعة المؤمنة) و (المجتمع المؤمن) لا كما يقال لتكريس الكراهية والعقدة تجاه أشخاص، وإن كان الأشخاص لا قيمة لهم في قبال الآل والإسلام، ولكن لا يعني عملية الاستنطاق من خلال هذه المراسيم والشعائر (ذكرى استشهاد النبي صلى الله عليه وآله) و (عشرة أيام المحسنية) التي هي ذكرى استشهاد المحسن ابن علي وفاطمة (عليهما السلام) إننا نريد استهداف أشخاص أو تأجيج الكراهية بل نريد صحوة تيقض من عاش ولا يزال يعيش السبات ونتيجة لذلك فإنه يشارك في ظلم أهل الحق..
نأمل أن يتحول (يوم التسقيط) إلى (أيام المحسنية) لتكون فرصة لأكثر معرفة عن (من) و (ما) حتى نصل إلى (إلى)..
وأعظم الله أجورنا وأجوركم بهذا المصاب العظيم.. |