لبيك يا حسُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــين
السلام عليك يا بن رسول الله, السلام عليك يا بن أمير المؤمنين, السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء, السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين, السلام على الشيب الخضيب السلام على الخد التريب السلام عليك وعلى ولديك العليين الشهيدين السلام عليك وعلى أخيك أبا الفضل العباس السلام عليك وعلى أختك الحوا راء زينب بطلة كربلاء السلام عليك وعلى الأنصار المستشهدين بين يديك السلام عليك وعلى ملائكة الله الحافيين حول قبرك الشريف.
(( لم تحظ ملحمة إنسانية في التاريخين القديم والحديث بمثل ما حظيت به ملحمة الاستشهاد في كربلاء من إعجاب ودروس وتعاطف)) هذا ما قاله الكاتب المسيحي أنطوان بارا في كتابه – الحسين في الفكر المسيحي- ويصفها بأنها(( الأولى والرائدة والوحيدة والخالدة في تاريخ الإنسانية مذ وجدت وحتى تنقضي الدهور, إذ هي خالدة خلود الإنسان الذي قامت من اجله)).
ويقول السيد محمد بحر العلوم معقبا على هذا الكلام (( وليس كبيرا على الحسين بن على (ع) رائد الإنسانية ومثلها الأعلى, أن يكون صاحب ثورة أولى ورائدة ووحيدة وخالدة, بعد النبي محمد وعلي عليهما الصلاة والسلام)).
عندما نتحدث عن ثورة الإمام الحسين يجب علينا أن لا نحصرها في المواجهة التي حصلت يوم كربلاء فقط بل هي اشمل من ذلك فقد قال الإمام الحسين (ع) (( إنما خرجت لطلب الإصلاح)) فقد كان يوجد نظام قائم على الجور والظلم والفسق والعبودية وكان لابد من تغييره, ما هو التغيير الذي أراده الإمام الحسين ؟
أراد إرجاع المفاهيم الإسلامية إلى الأمة حتى تستطيع بقيادته مواجهة الحكومة الظالمة آنذاك.
هل نحن فهمنا الإمام الحسين (ع)؟
هل نعرف عن شخصيته... عن إمامته... عن سياسته... عن أخلاقه...الخ
ربما نعرف الحسين انه إمام مفترض الطاعة ونعرف الكثير عن بطولته الفذة يوم عاشوراء ولهذا في كل عام في محرم ننصب العزاء عليه تخليدا لذكراه على مر العصور.
هذا ممتاز ومطلوب الاستمرار عليه ولكن عندما نقول لبيك يا حسين ما هي أبعاد مقولتنا هذا؟ وكيف يجب أن نوظفها لخدمة منهج أهل البيت عن طريق موسم عاشوراء.
انه من الضروري إن يكون موسم عاشوراء له دور كبير في عملية التبليغ والإرشاد الديني, فالرسول وأهل بيته إنما جاهدوا وتحملوا المصائب التي مرت بها حياتهم, إلا من اجل هداية الناس إلى طريق الله, لذا لابد أن يجتهد العلماء والمثقفون في هذا الأمر, لبيك يا حسين هذه احد أبعادها الرجوع إلى المنهج الذي أراده الله ورسوله وسار عليه أهل بيته.
(( ما دامت كربلاء حية في القلوب والضمائر فستبقى مصدرا للإشعاع الديني ومدرسة للعلماء والخطباء والكتاب ومركزا للفضيلة والإيمان والأخلاق)). هذا ما قاله السيد الشيرازي في كتابه الاستفادة من عاشوراء.
قال الإمام الحسين (ع) (( اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان, ولا التماسا من فضول الحطام, ولكن لنرى المظالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسنتك وأحكامك )).
فالواجب أن تكون عملية التبليغ والإرشاد من المهمات الرئيسية ويجب التركيز على الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية وبعدها نستطيع أن نقول لبيك يا حسين عن علم وفهم.ويأتي هنا دور المنبر الحسيني في التبليغ وذلك للحضور الكبير الذي يحظى به, لذا لابد من اختيار نوعية الخطباء الذين يملكون الثقافية الحسينية فيطرحون القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والتحليلات النفسية مما يؤثر في نفوس الحاضرين بربطها بمظلومية الحسين ومن سار على دربه, وإذا تم اختيار غير أكفاء لهذه المهمة سيكون الحضور لتمضية الوقت وليس للإفادة, فلا بد من إدارات المآتم أن تكون على استعداد لهذه المهمة مبكرا. كما يجب أن تستغل كل الامكانات والوسائل المتوفرة لذلك من تلفزيون , صحافة توزيع الكتب والأشرطة والانترنت أو أي وسيلة إعلامية تخدم القضية, لأنه مهما كانت الأفكار في أهميتها وقدرتها على التغيير والإصلاح تبقى بدون تأثير إذا لم تصل إلى الناس.
هناك بعد آخر مهم جدا وهو كيف نجعل الإمام الحسين للجميع, (( كلنا للحسين والحسين للجميع)) حيث بدا هذا الشعار في الآونة الأخيرة يأخذ حيزا من الاهتمام لنشر الثقافية الحسينية بحيث تشمل جميع المسلمين وليس الشيعة فقط, بل تشمل جميع بقاع الأرض حتى غير المسلمين, ونرى كيف بدا الاهتمام بهذه القضية في المجتمعات الغير إسلامية, ومدى اهتمامهم لمبادىء وميزات ثورة الإمام الحسين التي تلتقي مع مبادئهم فالإصلاح والحرية والشورى والعدل والمحافظة على قيم الدين وغيرها.
هذا ما يجب أن يركز عليه خطباء المنبر الحسيني وهو أنهم كيف يوظفون هذه المبادىء لاستقطاب الآخرين للتعرف على الإمام الحسين وشخصيته التي مكنته من الوقوف في وجه الظلم والعبودية والديكتاتورية وإخراج الناس إلى الحرية والعدالة.
قال غاندي (( تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر)) وقال السيد هادي المدرسي ((تعلمت من الحسين كيف أكون ثائرا فانتصر)).
يجب أن يفهم الجميع أن الإمام الحسين إنما خرج إلا لأجل جميع الأمة ولم يحصر نفسه في قوم معين أو جماعة معينة, لكن في الوقت الذي يسعى فيه المخلصون ورجال التبليغ لغرس هذا المفهوم, نرى أناس لم يستطيعوا أن يفهموا إلى الآن لماذا خرج الحسين!
إن البعض يحاول أن يحصر الحسين في دائرة ضيقة حتى أصبح موالييه مشتتين وكأن موسم عاشوراء يأتي لزيادة الفرقة بدل توحيد الصف حتى أصبح العزاء بعيدا عن قضية الإمام الحسين من كثرة القضايا التي تطرح فيه التي لا تمس مظلومية الإمام الحسين.
لابد أن نركز على الفعاليات التي تخدم مبادىء ثورة الإمام الحسين, مثل حملات التبرع بالدم التي استطاعت أن تكون حالة إعلامية متقدمة لعطاء الإمام الحسين, والمرسم الحسيني الذي استطاع أن يجذب الكثير من الجاليات الغير الإسلامية الموجودة في البلاد مما انعكس بشكل إيجابي على مسيرة الإمام الحسين, وفي هذه السنة سوف ينظم مركز المعرفة الإسلامية محاضرات باللغة الإنجليزية طوال عشرة محرم وتوزيع مطبوعات بعشر لغات مختلفة عن قضية الإمام الحسين. إن مثل هذه الفعاليات المفروض أن ندعمها وندعو الجميع وخاصة غير المسلمين للاستفادة منها, كما يجب إن نهيئ مآتمنا لتكون مكانا للاستقبال اللائق بمظلومية كربلاء ونبتعد قدر الإمكان عما يشتت القضية ويحصرها في جماعة معينة أو قوم معينين, إننا نشجع جميع الأخوة اللذين يعملون في المنطقة على مختلف الفعاليات الحسينية ولنحمل شعار كلنا للحسين والحسين للجميع ليتجدد العطاء باستمرار.
والبعد الآخر في قضية عاشوراء هو أن نعطي المرأة دورها ولا نقتصر ه على الحضور للاستماع فقط. يقول السيد فضل الله في كتابه حديث عاشوراء(( إن للمرأة دورا قياديا مع قيادة الرجل وبعد قيادته)).
هكذا كانت الحوراء زينب من مأساة كربلاء, فقد استلمت القيادة أثناء وجود الإمام الحسين, وذلك لرعايتها النساء والأطفال أثناء المعركة, وبعد استشهاد الإمام الحسين فكانت كل خطواتها مدروسة حتى عندما خاطبت ابن زياد لم تكن منفعلة. يقول السيد فضل الله في ذلك عن زينب ((فلقد كانت تفكر بكل كلمة من كلماتها, كانت انسانة تعيش التخطيط لكلماتها كما كانت تعيش التخطيط لحركتها)).
اذا لابد من إعطاء دور القيادة للمرأة على الأقل على مستوى مثيلاتها وان كان دورها للجميع.
لو أردنا أن نعرف أين دور المرأة في منطقتنا لوجدناه غير ملموس, لجنة في الصندوق الخيري فقط ولا يذكر ما هو نشاطها. أين دورها في المركز الثقافي, أين دورها في مجلس طلبة العلوم الدينية أين دورها في المآتم النسائية كخطيبة وليست مستمعة فقط, أين دورها من برامج المنطقة.. غير موجودة... إن الكلام كثير عن المرأة ودورها ولكن من الذي أبعدها عن دورها القيادي هل الرجال أم هي نفسها أو بالأحرى لا توجد في المنطقة نساء قادرات على القيادة والتخطيط للبرامج. فلنسعى لإعطاء المرأة دورها, وإذا لا توجد فلنحاول كلنا مجتمعين أن نوجدها, كما أعطى الإمام الحسين للمرأة دورها في ذلك اليوم, يوم كربلاء وقد أحسنت الدور المنيط بها فلنقتدي بالحسين وزينب ونقول لبيك يا حسين.
إن البشرية بحاجة إلى مزيد من القراءة عن النهضة الحسينية للتعرف على المزيد والمزيد من النتائج المثمرة, لأن نهضته لا تنتهي والاستفادة من الدروس والعبر التي أحاطت بها سوف تبقى على مر العصور, فهي التي أحيات الدين الإسلامي من جديد.
فلتكون تلبيتنا للحسين منطلقا لنا لفهم الأحكام الشرعية ودربا نيرا لوحدة الصف وعدم إقصاء أي فرد عن القيام بالدور المناط به وخاصة المرأة.
فلكي نجعل كربلاء حاضرة في القلوب والضمائر ولكي تكون دائما هي الرائدة والخالدة في تاريخ الإنسانية, لابد لنا أن ندرس الأبعاد الحقيقية لفهم الحسين وقضيته العادلة.
السلام عليك يا أبا عبدالله
السلام عليك يا سفينة النجاة
السلام عليك يا حجة الله في أرضه وسمائه
السلام عليك يا شريك القران
السلام عليك يا عمود الدين
السلام عليك أيها المظلوم الشهيد
السلام عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته.
|