قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتأحمد السكري
 
الطائـــــــــــــــــر الصغيـــــــــــــــــر
احمد السكري - 2005/01/28 - [الزيارات : 8428]

الطائـر الصغير

 

 

عند الكتابة عن الثقافة و المثقف تستوقفك مفارقات كثيرة, فهو حديث لذيذ لكنه شائك, لذيذ لأنه مرآة الحياة إلى الحقائق وجواهر الأشياء، لذيذ لأنه يبحث في الجزء المغيب من الذهن، الجزء المعطل من كيان الفرد، وشائك دائماً بدءاً بإشكالية التعريف مروراً بدوره المعطل في الوطن العربي أجمع وصولاً إلى إن الحضارات تقوم على وظيفة الثقافة الحقه ففيها تتجذر العادات والممارسات وبها تعمق سلوكيات الفرد و المجتمع.

 

المثقف هو تلك العين المجهرية التي تنظر إلى دقائق الأمور بشكل مختلف فتكشف وتعرى سلبياتها وتحتضن وتعانق إيجابياتها، لذلك يكاد يكون لزاماً وجود التعارض بين المثقف والسلطة القائمة بشتى أشكالها ومختلف مسمياتها، والتي عادة ما تتعمد على ترسيخ حالة التبعية لدى الأفراد وتعطيل الاستقلالية الفكرية لديهم ومن هنا تبدأ المحنة فليس هناك من يحب أن ُيعرى او ُيفكك.

 

إن مهمة المثقف الأولى ليس فقط التعبير عما يختلج في ضمير هذا المجتمع أو ذاك وإنما الكشف عن مكامن التدليس والتزييف التي تمارسها السلطات من أجل الإبقاء على تبعية الفرد تحت مسميات مختلفة (رجل الشارع، العوام) وما إلى ذلك من المسميات التي تعمق ثقافة الأتباع الأعمى – الصادر من القاصرين عن الاستفهام والتساؤل.  لذلك فإن تجارب المجتمع مع المثقف رهن بقدرة هذا المثقف على أن يعبر عما يختلج في أعماق ذلك المجتمع أفراداً وجماعات من حاجات ظاهرة جليه وأخرى باطنه خفيه، وأن يكشف من خلال تحليله وفهمه عن مكامن القصور في سبيل حلحلة الحركة الصيرورية  للمجتمع وبدون هذا التجاوب المجتمعي مع المثقف يصبح دوره لاغياً مهما كانت عبقرية أفكاره ولا رأي لمن لا يطاع فإذا لم تلقي هذه الأفكار أي صدى في المجتمع فإنها تصبح هامشية من حيث التأثير.

 

ميزة أخرى تعتبر من المكونات الأساسية للمثقف وتقف جنباً إلى جنب مع الحس النقدي للمثقف هي الاستقلالية الفكرية، وهي التي تمنح المثقف فرصة أن يكون قارئ من الدرجة الثانية، أي ينظر إلى المجتمع لا بوصفة واحداً منه فقط ولكن بوصفه مراقباً و ناقداً له.

 

والاستقلالية هي أكثر ما يخيف السلطة (وأكثر ما ينفع المجتمع)، لذلك فهي - السلطة- لا تألو جهداً كي تسلبها من المثقف أما بالقمع والتهديد أو بالاتهام واالتسقيط أو حتى بالقتل والتشريد، فلكل سلطة أسلحتها الفتاكة التي تفت عظم اصلب مثقف وتسلبه صلاحيته.

 

وعليه فإن ضغوط السلطة بشتى أشكالها هي ما يحول بين المثقف وبين أداء دوره والنهوض بمهامه.  يظن الكثير أن المثقفين مازالوا يعيشون في أبراجهم العاجية المنعزلة وذلك بسبب ازدياد الفجوة ما بين المثقف وبين القاعدة الشعبية، والتي هي من يملك مفاتيح تغير الواقع الذي نعيشه ، وهي إما ملغيه تماماً بفعل سلطه حاصرتها في دائرة البحث عن قوت اليوم وإما مغيبة بفعل سلطة اعتمدت فيها سياسة التعتيم والتعويم باستخدام مصطلحات فضفاضة يغرق فيها حتى السباح الماهر.

 

ويقف المثقف هنا – محبطاً – بين شقي الرحى ، ضغوط السلطة وتكميم الأفواه و قمع الحريات وغياب الديموقراطية والصحافة الحرة من جانب ، فالأنظمة والحكومات في وظننا العربي تبدع في مجال تهميش المثقف المستقل وإبعاده عن دائرة التأثير.  أما الأبواق الرسمية والطبول المدموغة بختم الدولة فإنها توفر لها كل ما يتأتى لها من وسائل ، وسلك حكومتنا ليس مختلفاً عن ذلك فها نحن نرى المرجفين والناكشين يمتلكون علينا مشارق الجزيرة ومغاربها، أما كتاب الأعمدة فيا ويلاه ثم ويلاه من كتاب الأعمدة ، فقلة هم الذين يملكون زمام أمورهم، أما السواد الأعظم، فلك أن تطالع أي جريدة من صحفنا الموقرة في أي يوممن ايام الله لترى بأم عينك ، أي عمى أصاب قلوب القوم فأفقدهم توازنهم حتى في التطبيل والتزمير  فباتوا يطبلون بشده جعلت من اللحن كله نشازاً يؤذي السمع والقلب والعقل معاً ، فلم يبقى إلى أن تطبع هذه المقالات على ورقة رسمية تحمل في اعلاها شعار الدولة وتذيل بالختم المعهود . 

 

من جانب آخر فهناك سلطات المجتمع ، والتي إذا لم تراعي ، فسوف تأخذ الدكتاتورية شكلاً مغاير هو دكتاتورية المجتمع ، فالمجتمع متمثلاً في رموزه وقياداته والتي غالباً ما تدعي الانفتاح و تقبل النقد ، تراها دوماً تستخدم وسائل قمع مختلفة عن تلك التي تستخر فيما السلطة ولكن مؤداها واحد, فإن لم تكن على شاكلتي فلتمت أو لتذهب إلى الجحيم, و إياك ثم إياك ان تحلق خارج السرب.

 

وفي ظل هذا كله  يبدو المثقف المستقل كطائر ضئيل الحجم ، ربطت إحدى رجليه بخيط ينهي في يد الحكام ، وهم وحدهم الذين يملكون تحديد مسافة هذا الخيط ، فحيناً يشدونه إليهم وثيقاً حتى لا يتمكن هذا الطائر من الحركة فضلاً عن الطيران وأحياناً يطلقونه كي يتوهم هذا الطائر بأنه أمتلك الحرية ولكن وقبل أن يبدأ بتصديق هذا الحلم يفيقونه بالحبس في السجون والأقفاص - وما قانون التجمعات إلا فتلة أخرى في هذا الحبل-  أما الرجل الأخرى فهي مربوطة بقيود عدة تشدها إلى ثقافة الانغلاق على الذات والتكلس المعرفي وهي ثقافة لا تعرف سوى القتل ، القتل بالسكين, بالتسقيط ، بالاتهام, بتسميم البئر, والقادم اخطر.

 

 

احمد السكري

1 ديسمبر 2004

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م