قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
ذكرى رحيل الشيخ يوسف الشيخ إبن المزارات وعمارتها
الأستاذ كريم المحروس - 2005/01/07 - [الزيارات : 5554]

ذكرى رحيل الشيخ يوسف الشيخ إبن المزارات وعمارتها

رحمك الله يا يوسف احمد الشيخ ..

الأيام في بلاد الغربة والهجرة رتيبة من حيث مجرياتها في كل لحظة من لحظاتها ، فيظل بينها الفكر والوجدان دائما في شوق لحياة طبيعية بسيطة هانئة مستقرة ، وفي انتظار للخروج من محنتها الكئيبة ،ما يولد في الذات على الدوام صراعا مع الزمن . فكل ساعة تمر على المبعد عن وطنه يزداد فيها الحنين للأهل والأصدقاء وأبناء منطقته ، وتزداد فيها الرغبة في قضاء العمر بينهم والانشغال بعاداتهم وطبائعهم وشعائرهم ، وأفراحهم واتراحهم .

وفي مثل هذه الظروف كان المبعد عن وطنه يبحث له عمن يؤنسه ويرفع عنه هم الأيام ونوازعها ، فكان الشيخ يوسف الشيخ بالنسبة لجميع المبعدين صورة الإنسان المثالي الذي لا هم له بين أقرانه إلا التنفيس عن المكروب وإغاثة الملهوف ، فلا يقبل على أحد إلا وارتسمت البسمة على ثغره مقدما، مرحبا بحرارة ، ومستقبلا بإخلاص وبعاطفة جياشة . لذلك كانت مخيلة كل واحد من المبعدين لا تنصرف عن هذه الصورة الرائعة ، فيتذكرونه دائما ، ولا يملون من زيارته في شقته المتواضعة بجوار مرقد السيدة زينب (عليها السلام) وتبادل الحديث معه.

وتمضي الأيام بالمبعدين وهم يتجولون بين أقاصي البلاد وأعالي البحار ، ويتنقلون بين أقطار العالم حاملين معهم صورة هذا الشيخ التي لا تبرح مخيلتهم أبدا .يتذكرون شخصيته الإيمانية الرائعة في علمها وتواضعها وحبها للناس جميعا بلا تمييز بين أبناء الوطن الواحد .. تطرق آذانهم نغمات صدى صوته المميز حين يقرأ عليهم القرآن والزيارات وينجز بينهم أعمال العبادة.. يميلون دائما مع ميله حين يرفع يده بالدعاء متضرعا إلى الله تعالى في خشوع الصلوات.. فيجدون في بعده عنهم غربة أخرى تضاف إلى غربتهم .

وكانوا يعجبون دائما لقدرته الفائقة على جذب حب زوار مرقد السيدة زينب(عليها السلام )له . وقد يستغرب البعض من أبناء منطقتنا النعيم العزيزة لهذا الشيخ الجليل بما يتميز به بين الكثير من المبعدين المعارضين من تمسك بشبكة علاقات اجتماعية واسعة جدا وفاعلة تجمع البحراني والخليجي والأفريقي والآسيوي ، فله صداقات ممتدة إلى بلاد بعيدة جدا .وفي فترة القمع والإرهاب في البحرين كانت صداقاته وعلاقاته الاجتماعية مع البحرانيين الزائرين متميزة على الجميع برغم ما كان يعانيه هذا المجتمع من قيود حدت من مستوى حركته في السفر إلى الخارج آنذاك. وباعتراف أغلب الملتقين معه  من أبناء الخليج أن الواحد منهم يجد سحرا جذابا في بسمة الشيخ يوسف ، ويسمع منه كلمات الترحيب والاستقبال حتى يظن بأنه على معرفة قديمة بهذا الشيخ ، ففيه كل التواضع لتقديم أفضل الخدمة والعون لأي وافد على منطقة حرم السيدة زينب(عليها السلام) .وفيه دوافع العشق لخدمة زوار هذه السيد الجليلة العظيمة ما يجعل منه إنسانا دائم التوثب لتقديم كل العطاء وبأقصى الجهود والطاقات بلا سؤال عن جزاء أو شكور . وكان ينتظر بفارغ الصبر حلول موسم الزيارات في صيف كل عام وكأنه على موعد مع مد موج بحر الحياة الذي يهوى السباحة فيه بلا أي تكلف . .

لقد تعرفت على نواياه قبل أعماله .. شخصية شفافة ،لا تتقيد في حبها ورعايتها للآخرين بمعايير حزبية أو مرجعية أو مناطقية أو فئوية .. كان يفر عن أحاديث اللغو والخلاف والنزاع في مجالس البطالين الذين لا هم لهم إلا التعرض للناس وحياتهم واتجاهاتهم المرجعية أو السياسية أو الاجتماعية .

لم يجعل من لباس رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عمامة وجبة مانعا لما كان يتميز به من حب وتواضع وسعي دؤوب لخدمة زوار السيدة زينب أبدا ، ولم يترفع بها على أقرانه وأصدقائه تشريفا وعلما ، إنما كانت بالنسبة إليه وقارا وخلوصا في النية ومسؤولية في نشر قيم وتعاليم أهل البيت(عليهم السلام) والتمسك بهم وبسيرتهم . فكما كان في ماضية قاصدا الثواب والأجر في المودة لأهل البيت (عليهم السلام) من خلال استقبال زوار السيدة زينب(عليها السلام) ، وجعل سكنه سكنا لهم ،وتوفير سبل الراحة لهم والتنقل بهم إلى حيث المزارات الكثيرة لأل البيت (عليهم السلام) وأصحابهم ؛ ظل على هذا القصد بعد انتقاله إلى عالم علماء الدين بلباسه المميز  وتضاعفت وانتظمت مسؤولياته في هذا الشأن ، فكان ينطلق في دعوته الحسنة للزوار بتكثيف زيارة المزارات النائية والبعيدة في كل من سوريا والأردن ولبنان والرواح إليها بأعداد كبيرة ؛ من منطلق حماية هذه المزارات وإحياء الشعائر فيها تمجيدا لها وتخليدا . فكان لسان حاله يقول : "أن المزارات والمعالم الدينية البعيدة والنائية موجبة للزيارة حتى لا تتعرض للاندثار والاندراس ، وكلما ازداد الزوار إليها كلما كسبت المستوى المناسب من الرعاية من قبل سلطات تلك البلاد ومن قبل ذوي اليسر المادي حتى ينفقوا مما حباهم الله من مال وجاه عليها فيعمروها". وبالفعل كنا نتحادث ونتحاور أحيانا سوية حول هذا الأمر في مناطق مختلفة أثناء سفرنا ، بعد أن كان بعض الزوار لا يأبهون برعاية وعمارة مدافن الأولياء الصالحين في المناطق البعيدة ، ما يعرضها للتلف والاندثار . ففي القاهرة وحدها مثلا 400 مزار لأهل البيت (عليهم السلام) بحاجة إلى رعاية وعمارة وإحياء ، ولا يعرف عنها إلا القليل ممن زار تلك البلاد وتنقل بين مناطقها. فكانت مثل هذه الأمور تشد اهتمام هذا الشيخ الجليل الذي عشق خدمة أهل البيت(عليهم السلام) وزوار أضرحتهم ،حتى وطن نفسه على إحياء شعائرهم وحفظ تراثهم من خلال التفرغ لدراسة المتون الدينية وشروحها في حوزات منطقة السيدة زينب(عليها السلام).

صحيح أن الغربة والزمن قد قللت من فرص تعرف أبناء منطقتنا على هذه الشخصية الجليلة .. وصحيح  أن تعاقب جيلين على منطقتنا في ظل حال الشتات قد أضعف اهتمام الجيل الجديد بالتعرف على هذا الشيخ الكبير .. وصحيح أن مستوى القمع والإرهاب في فترة زمنية ولت قد أضعفت الوشائج الاجتماعية مع المبعدين وباعدت بينهم ومواطنيهم من أبناء المنطقة .. لكننا الآن غير معذورين في بعدنا عن تقدير رموزنا الدينية التي ضحت في سبيل إسلامنا ووطننا ومن أجل تعزيز حياة حرة كريمة كنا ولازلنا نصبوا لتحقيقها على أرض جزيرتنا الصغيرة . ولا يكفي أن نتقدم بالدعم المادي والمعنوي في سبيل إغاثة عائلاتهم في فترة زمنية حرجة عاشتها نتيجة الحوادث المؤلمة ، فعلينا أيضا أن لا ننسى أن واجبا إسلاميا ووطنيا اجتماعيا وثقافيا ينتظرنا ويدعونا للتعرف على هذا الشيخ وتعريف أبناء المنطقة بسيرته وبحياته العلمية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاحتفاظ بذكراه طرية بين جيله والجيل اللاحق والأجيال القادمة ، ففي مثل هذا الإحياء أحياء لذاكرتنا وعزتنا وكرامتنا ولتراثنا ولقيمنا.

إن ذكرى وفاة هذا الشيخ قريبة جدا، وقد سمعنا دعوة من ابنته الفاضلة منادية بعمل الخير في تبني شخصياتنا الدينية ومؤسساتنا الاجتماعية والثقافية مناسبة ذكرى وفاة والدها الذي وافاه الأجل في حادث مؤلم اهتزت له منطقتنا من أقصاها إلى أقصاها . وهذه الدعوى جاءت من ابنتنا العزيزة بنت الشيخ يوسف لتتوسم فيها من أهل الخير الذكرى التي تنفع المؤمنين فيحملون على عواتقهم مسؤولية هذه الذكرى عبر تكريم والدها ولو بقراءة الفاتحة على روحه الشريفة تخليدا لأعماله وما قدمه من تضحيات في سبيل إعلاء كلمة الإسلام والوطن ، ليس لمنة علينا ، إنما لنؤكد من خلال هذه الاستجابة بأننا لازلنا على العهد وان عطاء علمائنا وتضحياتهم لا تذهب أدراج الرياح ولكنها نور يبصرنا الطريق ، وبأننا لازلنا نكن كل حب وتقدير وعرفان لكل من قدم خدمة جليلة لهذا الدين وهذا الوطن ، ولنحفز من خلال ذلك سواعد أبناء منطقتنا وشبابها وشيوخها على الاعتزاز بكل بذل ولو كان يسيرا .

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م