تمر الأيام وتطوى السنون ، ولكن تبقى الأعمال محفورة في الذاكرة .
هكذا خلق الانسان ، فمن عمل الطيب في حياته بقيت أفعاله ترسم فلسفة الحياة للآخرين ، وخير الأعمال ما بقيت الأجيال المتعاقبة تتذكره وتأخذ من سلوكه ومن أعماله وأفعاله العبر .
هذه المقدمة القصيرة أخذت مني جهد وعصارة في التفكير لإنتقاء بعض الكلمات كي أكتبها في حق هؤلاء الذين أتذكرهم بخير الآعمال والأفعال ، رغم بساطتهم وأميتهم في الحياة ، ونحن أطفال نقف حينا مبهورين أمام الكبار في السن ، ونتأمل فيهم حين آخر لنقلد ما يصدر منهم .
ومنهم من حفر في ذاكرتي :
1- الحاج حبيب ( رجل الغتمه )
قصير القامة ممتلئ وصاحب نكته وخفيف الظل مبتسم الوجه .
يحمل عكاز خشبي غير منقوش .
يسكن في بيت مبني من سعف النخل يتكون من برستج وحوش يقع غرب المأتم الغربي ( مدرسة الأردو حاليا ) .
هذا الرجل دمث الخلق وطيب الطباع يتفاعل معه كل من إلتقاه ولديه لغة خاصة به يتكلم بها بين الحاضرين من أهل منطقة النعيم حتى لا يفهم الغريب المتواجد في المكان ما يدور حوله وجميع أهالي النعيم في ذلك الجيل يتقن هذا الفن من الحوار و يفهمون اللغة ويتفاعلون بها ويتعاملون بفن التحدث .
وإليكم أمثلة لبعض ما يدور من حوار مع الترجمة :
الحوار الترجمة
- من العتنرف هالرتنجل أو الشتنخص؟ من يعرف هالرجال أو الشخص
- الأتنني العتنرف . أنا أعرفه
- شلأتنسم ؟ ويش إسمه
- الأتنسم الحتنجي الحتنمد العتنلي . إسمه الحاج أحمد علي
- من الجتنيب والضتنيف في الدتنير أوالفتنرق ؟ من إللي جابه وضيفه في الديره أو الفريق
- البتنيت الحتنجي العتنابس بن الختنميس الرتنبع بيت الحاج عباس بن خميس ربعه
- الختنلي الستنلم والعتنرف الرتنجل الطتنيب خلنه نسلم ونتعرف عليه الرجال طيب
ها شيرايكم في الظرافة واللطافة من هذا الرجل الذي حمل كل معاني الطيبة والأخلاق التي إكتسبها من أبناء وأهالي منطقة النعيم الطيبين المضيافين وكل من عرفه وتقرب له وعاشره عن قرب وجد فيه الأنس .
الرجل توفي ونحن أولاد صغار وتحسفنا على رحيله ولكن ترك في أنفسنا الشيئ الكثير من الذكريات لا تنسى لأنها حفرت في الذاكرة كالنقش في الصخر الصلد .
وإلى اللقاء مع شخصية أخرى سلكت لنا درب وضروب من الحياة لكي نتخذ منها العبر وتبقى شعاع نستمد منه عظيم الأخلاق وجل الأدب والطيب .
|