عند الولادة تحمل على الأيدي...
وعند الممات تحمل على الأيدي ..
بقلم : سيد علي الموسوي
في الحمل الأول يكون الإنسان قد بدأ حياته الدنيوية, وفي الحمل الثاني تكون نهاية الحياة الدنيوية وبداية الحساب.
هل يعلم الإنسان ماذا سيفعل بين الحملتين ؟
إنها حياة قد تكون لحظة, ساعة, يوم, شهور أو سنيين. لا يحاسب الفرد إذا كان عمره أقل من البلوغ, ولكن عندما يصل إلى سن البلوغ يكون قد دخل مرحلة الحساب وتبدأ صحيفة أعماله بملاحقته وتدوين كل ما يقوله ويفعله سواء كان حسنا أو قبيحا.
فهل يا ترى كل واحد منا يدرك هذه الحقيقة لكي يهيئ نفسه لمرحلة التدوين قبل أن يحمل إلى قبره.
إن هذه السطور ليست جديدة أو أول مرة تقرأها ولكن للذكرى وخاصة أن شهر رمضان الكريم فرصة لنا جميعا لمراجعة صحيفة أعمالنا, وإنها لفرصة كبيرة أن يتـاكد الإنسان قبل أن ينقض شهر رمضان إلا وهو معاهد ربه على المزيد من التقرب إليه ومواصلة عمل الخير.
قبل أن يحمل الإنسان إلى قبره لابد له أن يكون قد أنجز الهدف من وجوده في هذه الدنيا, و إلا لا معنى لوجوده.
لابد أن يحدد الهدف الذي يسعى إليه وهو رضا الله عز وجل في جميع أعماله وخطواته ومشاريعه وإلا لم يحتسب له أي أجر.
يقول الشيخ عبد العظيم المهتدي في كتيبه القيم-معلومات تحتاجها لسفر الآخرة في صفحة 10 (( النظرية التربوية في الإسلام تؤكد على نقطة النهاية لإصلاح البداية. فمن يؤمن بالآخرة سوف يصلح نفسه في دنياه وبسوي ما بداخله من رغبات وميول وينظم سيره العملي إلى الجنة))
إن بعض الأشخاص اللذين يدعون رضا الله في أعمالهم ولكنهم نسوا أن هناك كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة, فبدل اجتهادهم في رضا الله اجتهدوا في تلبية تعليمات الشيطان.
قال تعالى(( مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها)).
فلقد اجتهد البعض وجعل جدول أعماله مليء بالأهداف والنشاطات الهدامة فمثلا اتخذ البعض هدفه تسقيط الآخرين في سبيل أن يكون برنامجه هو الأسمى, وحب السيطرة على مراكز القوى بحيث لا يمكن لي طرف آخر منافس أو أفضل منه أن تكون له ريادة في العمل بشتى صوره, وأن يكون تسلطيا بحث رأيه هو الأفضل ويجب أن يتبع ولا يهم الآراء الموجودة وإن كانت أفضل وأيسر.
هل فكرت أيها الإنسان الضعيف قبل أن تحمل إلى القبر إن الغيبة والنميمة والافتراء من صفات المنافقين وحب التسلط من صفات الظالمين..لماذا جعلت الدنيا وزينتها وإغراءاتها وما فيها من صرا عات سياسية وجدل ديني وتراشق بأرخص التهم هي التي تسيرك ؟. لماذا جعلت التعصب لقائدك وغلقت الآذان عن استماع الرأي الآخر ؟ لماذا ضيعت نفسك في أعمال سوف تضرك يوم الحساب ؟ ماذا ستجيب ربك ؟
يقول الإمام علي عليه السلام: إنك مخلوق للآخرة فأعمل لها.
هل الفرد الذي يكون هدفه وهمه وشغله الشاغل اتهام الناس والافتراء والتجسس عليهم وتسقيطهم مخلوق للآخرة.
قال تعالى في سورة الحشر(( ولتنظر نفس ما قدمت لغد )).. أعد حساب نفسك وراجع صحيفة أعمالك وأنظر ماذا أنجزت من أعمال تقربك إلى الله وابتعد عن خطوات الشيطان الذي سوف يرشدك إلى طريق الهاوية لا محال.
قال تعالى في سورة البقرة (( وتزودا فإن خير الزاد التقوى)).
يقول سيد الساجدين الإمام علي بن الحسين (ع) في دعاء يوم الثلاثاء(( واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والوفاة راحة لي من كل شر)).
فمهما عشت من سنيين لابد أن يأتي اليوم الذي ستغادر فيه هذه الدنيا وتحمل على الأيدي.. فكر ربما تكون المغادرة بعد ساعة بعد يوم هل أنت جاهز؟
عليك أن تكتشف موضع قدمك في هذه الدنيا لأن مشكلة كثير من الناس نسيان أو لا يعلمون موضع أقدامهم في الحياة فلا تكن منهم إن أردت النجاة.
أنها فرصة عظيمة ونحن على مشارف نهاية الشهر الفضيل أن ينتبه كل منا ويراجع ماذا عمل ويكتشف حياته من جديد ماذا يستطيع أن يعمل ليكسب رضا الله.
اللهم صلي على محمد وآله كما هديتنا به وصل على محمد وآله كما استنقذتنا به, وصل على محمد وآله صلاة تشفع لنا يوم القيامة ويوم الفاقة إليك. |