للقراء الذين لا يجيدون استخدام الحاسوب (الكمبيوتر) أرجو لهم الموفقية في التعرف على هذه التكنولوجية المهمة في حياة الإنسان، ويستحسن لقارئ هذا المقال أن يكون له دراية بعمل واستخدام الكمبيوتر، لان هذا المقال سيتحدث عن البرمجة التي تحدث للبشرية كما تحدث للأجهزة الالكترونية، وتنبع هذه الأهمية للبرمجة لما لها من تأثير مباشر على سلوك واعتقادات الانسان.
ورثنا عاداتنا وتقاليدنا من البيت الذي نعيش فيه من البيئة التي كنا نلعب ونمرح فيها، من المدرسة التي كنا نتعلم منها، وكل هذه الأشياء التي تحصل من حولنا تترسخ في أعماقنا، الحركات السكنات الأصوات الصور والمواقف المختلفة، وقد أصبح الواحد منا يسمى بالمنطقة التي يسكنها بمجرد التعرف على سلوكه وعاداته.
والغريب إننا لا نستطيع أن نعيش في منطقة غير منطقتنا ولا بلد غير بلدنا، فإذا قادتنا الصدف وهجرنا ارض ولادتنا، فإننا نحاول جاهدين أن نوقف الزمن ونحتفظ في خيالنا آخر المناظر التي مرت علينا قبل مغادرتنا تراب الوطن، ونجمدها هكذا حتى يأذن الله لنا بالرجوع إلى حضن أرضنا الحبيبة، أجسادنا هناك في بلد المهجر، ولكن أرواحنا علقت هنا في بيتنا، في الحي الذي ترعرعنا ولعبنا في ازقته مع اصدقاء طفولتنا، نذهب بعيدا باجسادنا، لكن لا بد من الرجوع إليها أحياء كنا او أموات .. هكذا تبرمجنا.
من المسئول عن كل هذا ؟
هناك عقلان احدهما واعي والآخر غير واعي .. العقل الواعي وهو عبارة عن الحواس الخمس في الانسان (العينين والادنين والانف والفم، والجلد)، ونطلق عليه في عالم الحاسوب بالـ (disk top)، اما العقل اللاواعي ويسمى ايضا بـ (العقل الباطن) وهو شيء معنوي لا تدركه الحواس، وهو يمثل الـ (hard disk) في الكمبيوتر، وهذا العقل معجزة الله العلي القدير سبحانه وتعالى.
تكفل العقل الواعي – الذي يتمثل بالحواس الخمس - بتصدير جميع المعلومات المرئية والسمعية والحسية الى العقل الباطن (اللاواعي)، والذي بدوره يقوم بتخزين كميات ضخمة من المعلومات، ومن العجيب أن هذه المعلومات تبقى ما بقي الإنسان، وللعقل الباطن القدرة في معالجة المعلومات وحل المسائل الصعبة والمعقدة، فهو يستطيع حل كل المشاكل التي تحصل للانسان، وما من مشكلة الا وعنده حل لها.
والشخص المتميز في هذه الحياة هو من يستفيد من تراكم هذه المعلومات، والتي بدورها تعتبر مجموع خبرات الانسان طوال السنين التي انقضت من حياته، وعليه ان يحول هذه الخبرات إلى طاقة يستفيد منها ويفيد من حوله من الناس، وحين تتحقق هذه الاستفادة من هذه المعلومات الضخمة، النتيجة انه ستتكون شخصيات غير عادية مثل الزعماء ، ومراجع الدين، وقادة بارزين في كل المجالات.
والمشكلة الكبيرة والتي لا يعي اليها اغلب الناس ان هذه العقول مستهدفة من قبل قراصنة اوعصابات البرمجة (HAKERS)، مثل ما تتعرض الكمبيوترات للسرقة والتخريب بالفيروسات (VIRESES)، فالقراصنة ومن لف لفهم يبثون الفيروسات هذه كبث الفرقة ونشر الفتن وافتعال الأزمات، والغيبة والنميمة لها النصيب الاكبر من الفيروسات المدمرة للعقول الباطنة للبشر، تعمل على أفساد المجتمعات الإيمانية، وتحويل البشر إلى مجرد شهوات وأطماع دنيوية وحسد وحقد ونزاع ليس له اول ولا آخر.
الصحف والأخبار المصورة والمسموعة يمكن استغلالها كأدوات لتخريب سلوك الانسان، فعندما تقرأ مقالا يتعرض لمعتقداتك التي تؤمن بها ترى أوداجك تنتفخ يكاد الدم يخرج من خلالها، يا ترى ماذا فعل هذا المقال بأعصابك؟ وعندما تشاهد وتستمع إلى متحدث اخرق عبر التلفاز مثلا يتفنن في اللف والدوران واللعب بالأعصاب، تتمنى لو يحالفك الحظ أن توقفه عند حده في الزمان والمكان نفسه! فالبرمجة .. هي ما تقرأه أو تسمعه أو تشاهده من حولك، وما هي إلا عملية برمجة يراد منها اما النيل منك او الرفع من معنوياتك التي تحتاج إلى شحن بين الفنية والأخرى.
ولكي نحافظ على عقولنا وعلى مكتسباتنا الإيمانية والفكرية النيرة، وسلامة أعصابنا وأجسادنا، علينا أن نحميها ببرامج حماية خاصة من برامج الـ (SORTWARES) المخصصة لمكافحة البرمجيات والفيروسات المدمرة (ANTI-VIROSES) ، وقد خلق الله جل شأنه لنا من هذه المضادات ما ينقدنا من هذه الفيروسات ما يكفي لحمايتنا ما بقينا على وجه هذه الحياة الدنيا، واولها الإيمان بالله وحده لا شريك له، وثانيها الاهتداء بالآية الكريمة حيث قال جل شأنه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {49/6}) ، وثالثهم التقيد بحديث نبيا محمد (ص) الذي يقول : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا. |