اثبت علميا أن العقل اللاواعي هو المسئول عن سلامة جسد واعصاب ونفسية الإنسان، فلذا كلما ازداد المرء خبرة في الحياة وازداد علما كلما كان اقرب للنجاة من المخاطر والعواقب الغير حميدة .
ربما لا نعي بما يقوم به عقلنا اللاوعي من حماية أرواحنا من مخاطر حقيقية قد نتعرض اليها اثناء قيادتنا السيارة ، او عبور الشارع مشيا على الاقدام، او حتى ممارسة اعمالنا المهنية، فهو الذي يضع ارجلنا على دوسات الفرامل عند الشعور بالخطر، وهو الذي يوقف متابعة السير مرة واحدة عند قدوم سيارة مسرعة، وهو الذي يلهمنا بعدم مواصلة العمل حين الشعور بفقد التوازن والوقوع .
نتذكر حينما كنا صغارا ونقوم بحركات بهلوانية، والقفز والركض بدون تركيز والتي لا نعي عواقبها، ترى الكبار القريبين منا يقفزون من أماكنهم للامساك بنا خوفا على سلامتنا، لأنهم يعرفون مسبقا ماذا سيحصل لنا في حين أتممنا هذه الحركات، وهذا نابع من مخزون خبراتهم الحياتية على مر السنين والأيام .
والأكثر إثارة عندما ترى أب من الآباء يدرب ابنه الذي بلغ السادسة من عمره مثلا في البيت أو في ميادين الحياة المختلفة على اجتياز بعض الصعوبات التي يمكن أن تواجهه عندما يكبر، فتراه يدرب ابنه الصغير على اجتياز بعض العقبات التي يمكن أن تصادفه في الطريق، وربما يقع أو حتى يبكي من شدة الألم.
والمعلوم أن تدريب هذا الوالد لابنه الذي للتو بدأ يتفهم الحياة، على الصبر وتحمل الشدائد، لا لشيء سوى برمجة عقله اللاواعي ليعرف فيما بعد أن لهذه التمرينات والتدريبات مقصودا مهما جدا في حياته.
يدربه على ممارسة بعض المسئوليات مثل الذهاب الى الخباز، والبقالة، ومحل الخضروات القريبة من المنزل، لشراء الخبز، والبيض والأجبان، والليمون وبعض الخضروات، التي عادت ما تحتاجه الامهات ربات البيوت، وربما يطلب الوالدان منه مسئولية الاهتمام بأخيه الأصغر منه سنا، كل هذا من اجل اكتساب هذا الولد ذو الست سنوات خبرة حياتية يستطيع من خلالها الاعتماد على نفسه عند البلوغ.
ومن اسباب نجاح الانسان في هذه الحياة، هو الاستفادة من تجارب الذين يكبرونه سنا، وبالذات من الذين خبروا الحياة وتخطوا الصعاب، وتوجوا بنجاحات عظيمة وكبيرة نتيجة تضحيات غير عادية.
ولكي يوفق الشباب في الوصول الى مآربهم لا بد من اللجوء إلى من لديهم الخبرة، واذا اردت ان تتدلل اليك مشاوير الحياة، اسمع الى عدد غير قليل من هؤلاء الكبار، لتخرج بحصيلة من الاستشارات الناجعة، تستطيع من خلالها ان تواصل مسيرة الحياة وتبدأ بما انتهى به الآخرون، والعكس صحيح من وجد نفسه فوق الآخرين واتخذ العناد عنوانا له في الحياة فسوف لا يجد سوى النكد والمصائب.
إذا علينا معرفة (العواقب والنتائج) حتى ولو كان التدريب والتعلم مؤلما، علينا أن نعرف أن النتائج لا بد أن تكون في صالحنا، لو افترضنا إنك تعرضت إلى اهانة من قبل مديرك في العمل وطبيعتك لا تقبل هذا النوع من الاهانات .. عليك أن تعرض مبدأ العواقب والنتائج أمام عينيك قبل أن تعمل عملا ربما تخسر فيه مصدر رزقك، أغمض عينيك لثوان قليلة وتنفس الصعداء وهدأ من روعك، واستعد بالله من الشيطان الرجيم، وانظر نظرة سريعة إلى ابعد من هذه المشكلة وحاول أن ترى ماذا لو فعلت هذا العمل هل ستكون بخير أو العكس، ومن ثم ابدأ بفعل ما يخالجك من شعور يقودك إلى الصواب .
كم مرة نرى على الفضائيات في مباريات كرة القدم بطرد لاعبين بسبب مخالفات من قبيل عرقلة آخرين في الملعب، والمخالفين يعرفون مسبقا هذه القوانين وربما يستبعدونه من اللعبة كاملة إذا كررها ثلاثة مرات في مواطن مختلفة.
فالحريص على الفوز بأحسن لاعب عليه أن يضع مبدأ (العواقب والنتائج) أمام عينيه دائما مهما حصلت بحقه مضايقات أو نرفزه، الهدوء والاسترخاء وكبح جماح النفس يساعد على الأخذ بزمام الأمور والخروج من المواقف الصعبة بنتائج مبهجه بل وينال افخر الجوائز وأحسنها.. ونؤخد درسا من امامنا وسيدنا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) الذي يقول: (فاز باللذات من كان جسورا ). (من تهيب صعود الجبال بات ابد الدهر بين الحفر). |