خلق الله سبحانه وتعالى البشر صنفان، خلق القادة، والتابعين، وهو نظام الهي عظيم بالغ الدقة والاتقان، ولا يمكن لحياة الانسان الا ان تكون كذلك، والقادة يمكن أن يكونوا خيرين، ويمكن ان يكونوا العكس، فالتوفيق يكون من نصيب من يتبع الخيرين في الدنيا والفوز بالآخرة، والخسران المبين لمن يتبع الشريرين منهم.
وقد تمثلت القيادة الخيرة في الانبياء والرسل والاوصياء والائمة المعصومين (ع)، ومن سار على نهجهم من العلماء ومراجع الدين والخطباء المجاهدين، والوجهاء من رجال الاعمال والتجارالكرماء، والمدراء المخلصين، ومشرفي العمال الغيارى ..الخ.
تعالوا لنتعرف على انفسنا !
من الوهلة الاولى لقراءة هذا الموضوع يفضل ان يكون الواحد منا قائدا لا مقودا ولا تابعا، وربما صفاته ليست صفات القائد وانما صفات التابع، فيا ترى ماذا نفعل حتى نتجنب الوقوع في المحضور، اي أذا وضعنا انفسنا موضع القيادة، ونحن لسنا موهوبين ولا مؤهلين، ستكون النتيجة قيادة الناس الى الهاوية والهلاك، فمن لم يجد في نفسه الكفاءة لقيادة امه، فليتركها لمن هم اولى بها، اذا علينا ان نقيم انفسنا وان نعرف قدرنا، كما قال امير المؤمنين علي (ع): (َهلَكَ امْرُؤٌ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ).
وصفات القيادة يمكن ان تكتسب، عبر الاطلاع والدراسة والتدريب، وسيحصل عليها من ليس موهوبا ولكن ليست بالسهولة بمكان، أي عليه بذل الكثير من الجهد والعناء ومحاربة الذات لكي يستطيع انجاز عشر انجازات الموهوب، فلذا عندما يتنافس مكتسب القيادة مع الموهوب، تجد الموهوب هو الاول دائما.
وعلماء البرمجة اللغوية العصبية استطاعوا فرز الاشخاص الى مرجعيتين وهما : مرجعية داخلية ومرجعية خارجية .
المرجعية الداخلية تعني ان الانسان يرجع الى داخله بكل ما تعني الكلمة من معنى، اي ان اوامر الآخرين لا تجد لها طريقا الى شخصه، واذا كان ولابد من الاستماع الى الآخرين فعليه ان يقدم تنازلات وجهد غير عادي عن اعتقاداته، فالبتالي يمكن أن يشارك الآخرين افكارهم، ويستمتع بصداقتهم، ويستأنس بصحبتهم، الا انه (ذي المرجعية الداحلية) في كثير من الاحيان عندما تتعدد الآراء يتخذ قراراته بنفسه، وعادة ما يكون صاحب القيادة الموهوبة التميز بهذه المرجعية .
واما المرجعية الخارجية تعني ان الشخص يتخذ قراراته بمساعدة من يجد عنده الفكرة والقدرة على التوجيه، فهو لن يتردد في تطبيق ما املاه عليه من يثق به واتخذه قدوة له في حياته، والغالبية العظمى من الناس من هذه المرجعية، لذا ترى الناس ينضوون تحت جناح قيادة دينية، او قيادة سياسية، او جمعية ذات نفع عام، او حزب سياسي او ما شابه ذلك.
وقصص عضوات الحارة التي تعرض في المسلسلات والافلام الشامية، هم عبارة عن مجموعة من القادة الاكفاء يتطوعون لخدمة ابناء مجتمعهم، فتراهم يجتمعون كلما يحدث حادث يصيب من قريب أو بعيد من ابناء جلدتهم، ولذلك فهم يختارون زعيما يكون على قدر كبير من الحنكة والكياسة والكرم والشجاعة واحترام الآخرين، وغالبا ما تكون هذه الشخصية مثقفة ومطلعة على الكثير من مشاكل الحياة اليومية، فالتواصل مع الناس في نظره واجب، واستضافة الناس من متطلبات قيادته وزعامته، وعليه ان يخصص مكان للضيافة يكون مجهز بمكاتب وكراسي استقبال وطاولات شاي وغيرها من الاشياء الضرورية للاستقبال والضيافة، ويجمع بين يديه علماء دين ومهندسين ومقاولين وأطباء ومثقفين ... الخ، لحلحلة مشاكل المجتمع، من تزويج العزاب، ومساعدات الفقراء والمحتاجين، واتخاذ القرارات في المواقف الصعبة، وكلما قدم التضحيات كلما كبر هذا الزعيم في اعين الناس حتى يصبح قِبلة المعوزين والمقهورين والمظلومين من ابناء شعبه.
هل عرفت نفسك؟
القائد : مقدام .. مبادر .. كريم .. حذر .. ذكي .. ذاتي الحركة .. سعادته في خدمة الآخرين، مضحي، صفاته غير مصطنعة، خلقت معه منذ الصغر، لا يقصد فيها الجاه ولا المنصب، واذا ما وجد شيئا يعيقه عن مواصلة مسيرته، تراه لن يقف مكتوفي الايدي، يستمر متحديا كل الصعوبات، ولديه لكل مشكلة حل.
التابع : قدرته منصبة في تنفيذ ما يوجهه القائد اليه من ارشاد أو نصيحة أو استشارة، وتراه يستأنس بتنفيذ ما يراه مناسبا، محملا نجاحه وثقته بما املاه عليه صديقه او رجل الدين الذي اتخده قدوة له في حياته ...الخ. وما عليك الا ان تصنف نفسك من اي صنف انت، وبالتالي ستسهل عليك الحياة ومعاملة الآخرين. |