لواء العباس ظل أبيه عليهما السلام
بطل همام ،باسل شجاع ، لم يعرف الخوف منذ نعومة أظفاره إلا من إلهه الواحد ،كان مقداما في المواقف الصعبة امتزجت به شجاعة أبيه علي أمير المؤمنين عليه السلام و بني أمه أم البينين فاطمة بنت حزام الكلابية الذي ارجع بعضهم نسبها إلى عامر بن صعصعة .
جوهر أصيل ومعدن طاهر، وفحل من فحول بني هاشم، اكتسب منهم ارقي الصفات، فبات محبا لنصرة الخير والدفاع عن الحق وأهله.
لقبه أبوه أمير المؤمنين عليه السلام بسبع القنطرة، وشاركه حروب الجمل وصفين، و النهر وان وغيرها.
أوصاه أبوه سيد الأوصياء علي عليه السلام يوما ،أن يبذل مهمته في نصرة أخيه الحسين(عليه السلام) وعياله أينما حل، فأبلى في خدمتهم يوم الطف بلاء حسنا حتى نال رعاية خاصة من جميع المعصومين عليهم السلام .
منهم الإمام الحسين عليه السلام حين كان بين صفوف أصحابه في كربلاء ، فعقد له "لواء الحمد" ،وقيادة وحماية معسكره وجيشه من عدوه بني أمية.
قال عنه الإمام جعفر الصادق عليه السلام "كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان جاهد مع أبي عبد الله (عليه السلام) وأبلى بلاء حسنا".
و ذكر الشيخ ( الصدوق ت 381 هـ ) في كتابه الأمالي
حدثنا أبو علي أحمد بن زياد الهمداني ( رحمه الله ) ، قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن أسباط ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن ثابت بن أبي صفية ، قال : نظر سيد العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إلى عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فاستعبر ، ثم قال : ما من يوم أشد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من يوم أحد ، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب . ثم قال ( عليه السلام ) : ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام ) ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل ، يزعمون أنهم من هذه الأمة كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه ، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون ، حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا. ثم قال ( عليه السلام ) : رحم الله العباس ، فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة . وصلى الله على رسوله محمد وآله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
اختصت السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) في كربلاء ، بحماية وكفالة ونصرة وإعانة أخيها العباس عليه السلام، الذي افتقدت رعايته لها بعد شهادته عصر يوم عاشوراء ، مع السيدة سكينة بنت الإمام الحسين عليهما السلام على صغر سنها لجأت لعمها العباس عليه السلام وطلبت منه الماء ولأخيها الصغير عبد الله، ولبقية أطفال الحسين ، فمنحه الله صفة بطل العلقمي ،ساقي عطشى كربلاء.
هو في القوم أسد ضاري لا يبالي أوقع الموت عليه أم وقع على الموت ، حتى صنع في يوم الطف صولات وجولات بطولية ذكرها التاريخ ، فقتل الألوف المؤلفة من بني أمية، أربك قومهم وزعزعهم وقلب الميدان عليهم وفرق صفوفهم ، حتى فرت الأبطال منهم وظنوا أن أبيه علي أمير المؤمنين عليه السلام يصول ويجول في المعركة كرار غير فرار.
بطلٌ ملأ القربة ماءا ، وعاد راجلا إلى الخيام غير مكترث بألوف المقاتلين عند نهر العلقمي الذي أبت نفسه عنده أن ترضخ لمائه فتشرب ولسان حاله يقول:
يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسيـن وارد المنـون وتشربيـن بارد المـعين
وفاءا لأخيه الحسين عليه السلام ونسائه وأطفاله .
مغوار لم تنل منه الأعداء، إلا بعد أن كمن له زيد الرقاد الجهني ونظيره حكيم بن الطفيل السنبسي وراء النخيل،وأمطروه بوابل من النبل وقطعوا يديه وتركوه صريعا على ثرى كربلاء.
صاحب "لواء الحمد" العظيم جدّل على ارض كربلاء شهيدا في 61 هجرية وفرق لواءه بالسهام إلا أن لوائه "لواء الحق والفضيلة والكرامة والعزة والإخوة " ظل قائما ثابتا مرفوعا إلى يومنا هذا ، وأصر التاريخ على ترتيل أخر أنفاسه الزكية القائلة:-
يا نفس لا تخشي من الكُفّار وابشري برحـمة الجبار
مـع النـبي السيد المـختار قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار |