أهمية الإصلاح الديني و الاجتماعي
بقلم : علي النشيط
لقد كثر الحديث في إعلامنا ومنتدياتنا بالمطالبة بضرورة الإصلاحات في شتى مجالات الحياة ومن ضمنها المؤسسة الدينية والاجتماعية سواءً من أصحاب المؤسسة أو من (النخبة) أو المهتمين والمتعاطين في ساحة المجتمع ، وهذا يجعلنا أن نقول أن المجتمع لا يمكنه أن يدخل في حركة العصر من خلال التطورات إذا لم يستوعب متطلبات التغيير . ومن خلال هذا المنطلق نجعل المجتمع يتقدم للحفاظ على مكتسباته، كل هذا بشرط أن ينخرط في مشروع الإصلاح الديني والاجتماعي ، وأن يتجاوز فهمه القشري للقيم والمبادئ الدينية التي تُحرر الوعي الديني من العمى، وتدفع عملية الاجتهاد والتجديد إلى الإمام.
فلا بد أن نجزم أن الإصلاح الديني والاجتماعي ضروري لكي نتجاوز أمور كثيرة تعيق تقدمه، وهذا لا يعني رفض قيم الدين الثابتة أو الخروج عن الضوابط الشرعية ومتطلباتها. وإنما المطلوب إعادة النظر في تأسيس الفهم الخاطئ للدين بعيداً عن الأحادية في التفكير والقصور في الفهم . ويجب هنا النظر في الرؤى التي تطرح تبعاً للظروف والأحداث التي تولد فيها.
فمن هذا وجب علينا أن نعي معنى الإصلاح الديني وأن نتجاوز الفهم الأحادي المتعسف لقيم الدين، وهذا ما أكده ( سماحة السيد حسين الحكيم ) في زيارته الأخيرة للبحرين عندما تشرفنا في استقباله بـ " جمعية الرسالة الإسلامية " ودار الحديث حول شجون وهموم العراق الجريح ، ومن خلال سرده قال : " يجب على المجتمع أن يعي مشروع التعددية وهو المخرج الأمثل للعراقيين " ، كما طلب من السادة العلماء والمشايخ أن يطرحوا هذا المشروع بقوة وأن يثقفوا المجتمع حوله، وأكدا أيضا ً على ذات الفكرة في محفل آخر أثناء إحياء تأبين ( الشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم " قدس سره" ) في حسينية القصاب .
في تصوري إن هذا الطرح الذي تفضل به " سماحة السيد حسين " هو من الضروريات التي تؤهلنا لبناء مجتمع جديد، ويعتبر ذلك ردا ً صريحا ً على الذين يرون أن الدين لا يأتي إلا من فئة بعينها لم ترتقي لدرجة العصمة .. وهذا يحتم علينا كمجتمع أن نفكر جيداً في عوامل تقدمنا ورقينا والخروج من الوصاية التي قد تستخدم كذريعة لإرضاء الآخرين .
وعقلية الوصاية والتبعية الفكرية التقليدية والاستبداد في الرأي لا يمكن إلغاءها اجتماعياً بدون الشروع في عملية الإصلاح الديني و الاجتماعي، الذي بتحرره يتحرر عقل الإنسان في عملية الإبداع والفهم والرؤى الصحيحة للدين.
وهو ما يعيد بناء الإنسان المسلم الواعي تبعا ً للأسس والقيم الحضارية التي نادى بها الذين الحنيف، وعمل وضحى من أجلها أهل البيت ( عليهم السلام ) عبر التاريخ.
وهنا يتوجب علينا أن نتساءل : هل لدينا أي مشاريع وأفكار اجتماعية نهضوية وعملية تؤسس لهذه الثقافة أم لا ؟
هل فكرنا جيداً في الأسباب والقصور التي جعلت المشاريع الإصلاحية الدينية متأخرة و غير ناجحة في المجتمع ؟؟؟
إذا ً .. المطلوب أن نخلق في المجتمع ثقافة الحرية الدينية والحرية الثقافية ، وأن نفصح عما يدور بداخل عقولنا، حتى ولو كنا سنعبر عن بعض التصرفات السلبية بدلاً من أن نكتم أفكارنا بداخلنا ونصبح محبطين، ومضغوطين وقلقين من ما يدور من حولنا ، فقط لكي نكون مقبولين من الآخرين .
إننا إذا أردنا الإصلاح الديني والاجتماعي فيجب أن ننبعث من القاعدة وأن يكون شاملاً في المجتمع وهذا لا يمكن بدون العمل والانخراط في تطبيق عوامل وشروط الإصلاح والذي سيخرّج لنا بعد ذلك طاقات هائلة على المستويات الثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية... وهذا ما نطمح له جميعاً من خلال تعددية اجتماعية وثقافية قائمة على المبادئ الإسلامية .
|