نعم ... ان ما قدمه لنا شهر رمضان الكريم وتعايشناهُ منْ العطف على الفقراء والمساكين, و الابتعاد عن السلوكيات والعادات الخاطئة والتخلص منها, وتفعيل عنصرالإرادة ، فما هي إلا دروس تعلمنا كيف نقتطف الأزهار الجميلة والفواحه بريح الإيمان ؛ لنصنع بها باقة أعمالنا لنقدمها بين يدي الله يوم الميعاد من جميع النواحي العبادية الأجتماعية منها والروحية .
فعلى الصعيد الروحي :
إن التسامي على الرغبات والتفاعل مع الأجواء المباركة ينتج صفاءً روحياً وحيويةً معنويه عاليه , وذلك من خلال دورة تدريبية , لتربية الإنسان على التحكم برغباتة وشهواته , حيث يمتنع بقرار ذاتي .
أما على الصعيد الاجتماعي :
خلق فينا روح التعايش مع الآخرين والاجتماع بهم , بل يشعر الإنسان بمعاناة و, حاجات الفقراء والمعدمين من خلال الصوم والإنفاق في سبيل الله , أما التعايش والاجتماع بهم , فمن خلال المجالس القرآنية , والقيام بالزيارات إلى الأقارب مما يعززتفعيل مبدأ صلة الأرحام , كل ذلك وأكثر. فقد ورد في خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)عن الشهر الكريم حيث قال: (( وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم , ووقروا كباركم , وارحموا صغاركم, وتحننوا على أيتام الناس يُتحنن على أيتامكم)).
فإن شهر رمضان كان مدرسة ودروساً من التعاليم الإسلامية السامية, ومنظمةً عظمى للحقوق الإنسانية.
يبقى هل نحن كما ينبغي أن نكون اتجاه ما تلقيناه من دروس عطاءات هذه المدرسة , أم بمجرد انقضاء مداها من كل عام تفتح شهرا في السنة لا نقتنص منها إلا جوعا بلا تأمل – لمعناة الفقراء والمعدومين – , وسهراً بلا تعبد , وقراءة قرآن بلا تدبر , واستغفار دون قرار؟
فإن خير الناس من استغل هذا الشهر بطلب الغفران وصفاء الروح , فعن النبي الأكرم ( صلى الله علية وآله وسلم ) قال: ( الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ).
لذا يجب على الإنسان المؤمن أن يحافظ على ما منحه الله من غفران الذنوب , فيبدأ بذلك فتح صفحةًً جديدة تضيء دربه في الحياه ورصيداً راجحًا يوم الحساب .
ولايكون ذلك إلا من خلال الاستغفار الحقيقي , حيث يقول الإمام علي الرضا (عليه السلام) في كلمة رائعة: ((من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه)) .
ومن هنا فإن الاستغفار الحقيقي ليس هو مجرد لقلقة لسان ـ استغفرالله وأتوب إليه ـ بل إنَ هذه الألفاظ ينبغي أن تكون شعاراً ظاهراً لقرار عميق الجذور في نفس المستغفر .
وهذا تتوقفه خطوتان لابد منهما :
- اكتشاف الخطأ والاقرار بوجوده وانه خطأ لايجوز الاستمرارعلية .
- التصميم على الإقلاع عنه والتخلص منه .
فإنَ الاستغفار بهذا المعنى يتحول من ذكر مجرد إلى نقلة نوعية نحو واقع أفضل وأصوب, ويصبح دواءً لأمراض الإنسان وعلله, فعن النبي ( صلى الله علية وآله وسلم ), قال: (( ألا أدلكم على دائكم ودوائكم ؟ إلا إن دائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار )).
يا أيها المؤمن, انظر لما جنيتهُ من ثمار, واحتفظ بها, فلا ترسل ما يحرقها فتكون من الهالكين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. |