تضامَنْ وتعاطَفْ فإن سجل لجنة التضامن مع حسن أبو علي كبير
كريم المحروس 19/4/2010م
الفرق كبير جدا بين مرحلة العمل السياسي في عقدي السبعينات والثمانينات وبين مرحلتنا الراهنة من حيث تداول المواقف المعبرة عن الاحتجاج ضد سياسات سلطات جزيرتنا ووسائلها غير الشرعية في إدارة مشاريع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ولو تتبعنا بعدا شعبيا واحدا في ذلك لتأكد لنا مستوى التحول الكبير في الوعي بالمحيط وتفاعلاته .
فحوادث الاعتقال مثلا كانت تأخذ بعدا شعبيا عاطفيا فقط بدون نظر إلى الأبعاد الأخرى المتعلقة بقضية الاعتقال ذاتها ولا حتى مسببات الاعتقال وخلفياتها . وقد يؤخذ المعتقل أيضا على محمل سلبي من قبل بعض رواد المجالس العامة في منطقة النعيم وشخصياتها الدينية والاجتماعية ، كأن يصنف المعتقل تصنيفا (أيدلوجيا) ممثلا عن جهة سياسية يرفضها الدين أو العادات والتقاليد المحلية .
يعتقل الشخص في منطقة النعيم مثلا ، فتجد الجيران وهم أقرب الناس إلى عائلة المعتقل وقد أخذوا حذرهم من محيطهم الاجتماعي بأكمله، فتنقطع زياراتهم لعائلة المعتقل خوف التبعات الأمنية . وفي احسن الأحوال يبدي القليل جدا من رجال المنطقة وشبابها تضامنهم العاطفي مع والد المعتقل بعد انقضاء مدة الاعتقال أو السجن، فيتوافدون على مجلس والد المعتقل أو السجين تعبيرا عن فرحهم لأزمة فكت عقدها وولت على خير!. أما شخصيات المنطقة من علماء الدين والوجهاء والتجار فلا تجد لهم أي مستوى من التعاطف، التزاما منهم بمبدأ عدم التدخل في السياسة أو نبذا للعاملين في مجالاتها .
اما في مرحلتنا الراهنة ، فالأوضاع تغيرت كثيرا ، ولكن المستوى الذي وصلت إليه في منطقة النعيم مازال ابتدائيا . ولولا قضية اعتقال حسن سلمان أبو علي وحرص مجموعة خيرة من الشباب على تحمل مسؤولية التضامن مع حسن أبو علي وتبعاتها في كل الأحوال وما تكلف من جهود وتضحيات ؛ لما تغلبت مظاهر التضامن السياسي في النعيم على العاطفي المجرد والمحدود .
الموقف السياسي المعارض الذي عبر عنه حسن سلمان بقضية ما يعرف " بتسريب معلومات" وأرادت السلطات أن تجعل منها قضية جنائية لا علاقة لها بأي مبدأ سياسي معارض ، أشاع في البحرين عامة كثيرا من الارتياح والتضامن، كما أشاع في منطقة النعيم الكثير من الوعي المعارض ، لأن حسن سلمان تحمل لوحده مسؤولية جهده المعارض ، واستعد وعائلته لتحمل كل التبعات ، وذلك لإثبات حقيقة عجزت عن إثباتها جمعياتنا السياسية التي خضعت لقانون الجمعيات والتزمت به حرفيا على حساب حق بلدهم ومواطنيهم في الاطلاع على مظاهر الفساد الأمني التي نسبت إلى جزيرتنا جيشا من العسكريين والمخبرين المجنسين وهددت بهم أصالة جزيرتنا وحق المواطن في العيش منعما بأمن بلده وخيراتها وثرواتها ونعمها.
موقف حسن الشجاع قبل دخوله السجن وبعد أشهر قضاها في السجن لم يكن موقفا فرديا حدد بشخص متهم زورا بقضية جنائية، انما كان موقفا معطاء أضاف إلى منطقة النعيم الكثير من الصور الإيجابية ، وعلينا ألا نبخس الناس أشياءهم.. أضاف حسن بموقفه الرائع إلى النعيم: وحدة التضامن مع المعتقل وقضيته بشتى ألوان الوسائل والإبداع فيها، الإيمان بقضية المعتقل وتبني أهدافها والدفاع دونها ، الإصرار على أخذ المعتقل حقه كاملا من خلال متابعة نشاطات الإحياء المختلفة والمشاركة فيها، مركزية العمل التضامني من خلال لجنة أهلية غطت كل الاحتياجات .. والأهم من كل ذلك: رفع مستوى مشاركة أهالي المنطقة في مسؤولية العمل السياسي وليس العاطفي المجرد ، وهو الأمر الذي وضع علماء الدين ووجهاء المنطقة أمام مسؤولياتهم حتى لمسنا منهم مشاركة هي أقل من الآمال ولكنها تفي بالغرض بحسب تقييم بعض المتابعين.. ومع ذلك أرى من حق عائلة حسن أبو علي أن تعقد مقارنة بين حجم المشاركات ونوعيتها في قضية فندق (تايلوس) وبين حجم المشاركات ونوعيتها في قضية ابنهم..ربما كانت الأولى أدسم واكثر خصوصية ولا تكلف شيئا، بينما الثانية لها حساباتها التي قد تجر وراءها تبعات .. هذا ما يؤسف له حقا ويدعونا لقراءة هذه المقارنة وتصحيح فكر رجالها .. فحق المعتقل أو السجين أولى بالتضحية والتضامن الدؤوب.
حسن سلمان اتخذ قراره الصائب في التضحية من أجل دينه ومن أجل وطن خال من الفساد الإداري الطائفي والأمني ، لذلك لا يهمه وعائلته إن كسبت قضيتهم موقفا تضامنيا كاملا في منطقة النعيم وغيرها أم لم تكسب . فمَنْ تضامن معه ووقف إلى جانبه فإنما يتضامن ويقف إلى جانب دينه والحق في مواطنة عادلة صالحة ، ومن لم يتضامن أو فضل الانكفاء تحسبا لضرورات يراها خاصة فحسابه على نفسه .
نعبر عن تضامننا مع حسن سلمان أبو علي وندعو له بالفرج ، ونُذكّر أفراد عائلته كافة ووالده سلمان على وجه اخص ، أن ظروف معتقل أو سجين اليوم ليس كسجين الأمس يهرب عن محيطه أناس ثم يفدون متعاطفين على مجلسه بعد الإفراج عنه لإبراء الذمة الاجتماعية ، بل ان المعتقل أو السجين في هذه المرحلة يمثل قمة رأس جبل الجليد الذي تبصره سلطة الفساد الإداري بعين حولاء ، وله جسم عظيم مغمور يشكل مجتمع البحرين بأكمله ويجمع من حوله كل الشعب وأبناء المنطقة خاصة متضامنين إنسانيا وسياسيا وفاعلين على منهج السجين حسن وقضيته العادلة .. وإذا ما أردنا التأكد من هذه الحقيقة؛ ستنصب اللجنة الأهلية للتضامن مع حسن سجلا كبيرا إذا تحقق الوعد وأفرج عن حسن آجلا أو عاجلا ، تدون فيه أسماء كل من يفد مجلس بيت عائلة أبو علي متضامنا لا مباركا فحسب! .. فإن الفرج من الله تعالى له قريب بإذنه وفيه فرج للجميع. |