قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
سقط <البرلمان> سهوا واستبدلت التجاوزات الملكية بـ<أخطاء فردية>
شبكة النعيم الثقافية - 2010/04/05 - [الزيارات : 5383]

سقط "البرلمان" سهوا واستبدلت التجاوزات الملكية بـ"أخطاء فردية"

كريم المحروس
5/4/2010م

كنت في السن السابعة حين وفدت على عمارة "أبو علي" لصناعة السفن في منطقة النعيم بالعاصمة حيث عكف جدي الحاج رمضان (رحمه الله تعالى) مستقلا منفردا على صناعة قارب "شوعي" متوسط الحجم .. وفدت عليه وفي نيتي عزم أكيد على تقديم يد المساعدة ما استطعت مقابل كسب ما يهمني من خبرة في مهنة "القلافة".

وفي أول ساعة عمل؛ أمرني جدي رمضان بأمر مثير للغاية قضى باختيار قطعة "كشباره" من باطن القارب والإسراع في حملها إلى بقالة "احمد أبو ربيعة" (رحمه الله تعالى) لاستبدالها بـ "بيبسيه حمره"!.. فوجئت بهذا الأمر ولم أكن أعقله وأنا ابن الصف الأول ابتدائي: "بيبسيه حمره" مقابل "كشباره" هي عبارة عن قشرة خشب صغيرة منتزعة عن جذع شجرة بـ"القدوم" الحاد ، ولا من حديث عن "آنات" أو "روبيات"..ربما كان جدي يستهزئ بي أو يسخر مني ، ولكني أطعته!.

في البقالة انتظرت طويلا حتى خلت من روادها تحوطا لما قد يصدر عنهم من "مطنزه" إذا ما عرضت طلب جدي بعين ألفاظه على أبى ربيعة في حضور حشد منهم .. إقتربت من أبى ربيعة والحسابات المنطقية تمدني شعورا بالشك والتردد ، فجازفت وقلت له: جدي يسلم عليك ويقول هذه"الكشباره" لك، ويطلب منك استبدالها بـ"بيبسيه حمره"! ..لم يفاجأ أبو ربيعة ولم تبد على وجهه أي علامة تعجب أو استغراب حتى، كما لم يستفهم مني شيئا عن هذا الاستبدال غير المنطقي والغريب، ثم أشار عليّ برمي "الكشباره" في "تنكة" الزبالة والإسراع في حمل "غرشة كندادراي حمره" باردة إلى جدي!.

المرحلة الزمنية التي ازدهرت فيها صناعة"القلافة" وصفت بين أهلها آنذاك بمرحلة "المساكين" حيث كانت الرمزية فيها سلوكا ثقافيا شائعا بين الناس وحاكمة على الكثير من علاقات المصالح الاقتصادية والاجتماعية المتبادلة بينهم..فجدي رمضان البحراني الأمي لم يفصح لي ولا لصاحب البقالة بكلمة تحمل لفظ أو معنى "الدّيْن"، وإنما الاستبدال الرمزي بـ"الكشباره" مع بقالة أحمد أبى ربيعة جاء عوضا بديلا حتى حين ، وقد يصل عوض "البيبسيه الحمره" إلى صاحب البقالة بعد بيع "الشوعي" وتغطية بعض الديون المتراكمة وجدولة الأخرى.. وهكذا حمل الناس بعضهم البعض الآخر على سبعين محمل في كل أمر في مرحلة "المساكين" العجاف، وشمل ذلك لغة التخاطب بينهم رفعا لحرج شغف العيش في مجتمع كانت تسوده الأمية والعوز، وتهيمن على جهاته سلطة لم تكن تفقه في الحياة غير التمدد في الإقطاع والتفاخر به على حساب أهل البلاد وأبسط احتياجاتهم .

البعض من أصحاب البحوث الاجتماعية الجدد من خريجي الجامعات المحلية يقول بأن رمزية" الكشباره" لم يعد لها رسم ووجود أو ضُمرت عند البحرانيين مع بزوغ عهد الطفرة النفطية والوفرة المالية الناجمة وعهد نشوء أول حكومة مستقلة في مطلع عقد السبعينات على نظام "بلكريف" وعهد بلوغ الدولة مبلغ الحياة الديمقراطية بإقرار أول دستور وتأسيس أول برلمان - وإنْ تبقى شيء من هذه الرمزية فقد حُد أخيرا بحد اجتماعي حديث لم يجتز به دعاته فكرا حزبيا وافدا اعتنقوه فضاعوا وأضاعوا . ومن مظاهر ذلك في مرحلتنا الراهنة: تجرد مفهوم "المشاركة" السياسية الإيجابية عندهم وانسلاخه عن مبادئ الإدراك الشامل لرمزية "الإقطاع" الذي سجل في جزيرتنا عمرا قياسيا نسبة لزمن الإقطاع في العالم وأزكم الأنوف بفضائحه التي استشرت في عقد السبعينات وتضاربت بين أقطاب السيادة عند مطلع الألفية الجديدة وحاربت حربا باردة إلى الحد الذي تسامحت فيه اللجنة الوزارية الملكية الآن كثيرا وبتطرف في وصف هذا "الإقطاع" فتَنزّلت في حذر شديد وقالت بوجود "تجاوزات للأخلاق والعادات والتقاليد التي هي بحاجة إلى تصحيح إداري" دون نظر إلى وصف آخر ينطبق انطباقا كليا على موضوعه كــ "الخيانة العظمى" و"استغلال المنصب السيادي" و"الإقطاع القبلي" و"فساد الحكومة" و"الجريمة المنظمة" وما إلى ذلك من أوصاف تعني معانيها.

وحيث ضُمرت رمزية "الكشباره" عند أهلها حين شاركوا الحكومة برلمانها عطفا على عرف عقد السبعينات وفتاواه؛ انسجمت رؤاهم وتوافقت مع وصف اللجنة الوزارية المتنزل ، فكانت ردود فعلهم على تشكيل اللجنة الوزارية الملكية لدراسة التجاوزات في محاور لجان التحقيق البرلماني "خرابة" لا أذان يصلحها ، فأصبحوا أمام اللجنة "طرشانا في زفة". وإنْ تسامحنا في الوصف سنقول أنهم مازالوا بعد في طور حُسن الظن بما يجري حولهم أو ربما أخذتهم نشوة نصر التقرير بأملاك الدولة فقصرت أيديهم عن رد حقهم كأعضاء سلطة يعتقدون في قرارة أنفسهم أنها "تشريعية". فالكثرة الكاثرة من البرلمانيين لم يتجاوزوا القول: "أن المهم هو استرجاع ما سرق أو ما استحوذ عليه من أراضى وعقارات وأموال، ولا يهم أن يتصدى لهذه المهمة جهة ذات صفة تنفيذية مقطوعة الوصل بالسلطتين التشريعية أو القضائية"!..هذا القول واهن جدا ويؤكد على الفشل الذريع في إثبات صحة المشاركة البرلمانية والكفاءة في إدارتها فضلا عن السقوط في تحدي إثبات صحة الزج بكل التيار في لعبة سياسية خاسرة أذهبت بريح كل أثر للنضال والتضحيات.

واقع الحال يعني: أن تشكيل لجنة التحقيق في "التجاوزات" ليس بحاجة لمعونة رمزية من "كشباره" قديمة حتى تُستوعب وتُدرك المقاصد السياسية والقانونية والعرفية البعيدة والقريبة التي لم تخل حتى الآن من خطف صريح لمهمة قضائية والتنزل بها إلى وظيفة تحقيق عادية مقيدة بـ"بروتكولات" إدارية لسلطة تنفيذية تجاوزت سنها الفاعل المفترض وكانت سببا في الهدر العام لثروات البلاد وإمكاناتها المادية والبشرية .

تصريحات الأمس القريب تَنزّلت أكثر بوظيفة اللجنة الملكية فصُرح رسميا بأنها "لجنة تحقيق وتصحيح في الأخلاق والعادات والتقاليد الأصيلة" ، فهل تصل في المنتهى إلى وظيفة معالجة لـ "أخطاء فردية" لا مفاسد فيها ولا تستحق الوصول بها إلى استصدار "أحكام" تقر بغير وجه حق بوجود خيانات سيادية عظمى راكمت إقطاع على إقطاع كان عمره 250 سنة؟ .. ما جرى حتى الآن من ردود فعل رسمية لعلاج ملف التحقيق في أملاك الدولة يشي بوجود عزم على "تصحيح" مسار البرلمان لا الحكومة ، كأن يدمج مجلسي الشورى والبرلمان في مجلس واحد ويعاد النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية في المرحلة القادمة لصالح تعزيز دور الاستئناس بالرأي.

مرحلة مجتمع "المساكين " كنا نعتقد أننا تجاوزنا بها الدهر فأبقينا شيئا من قيم رمزية "الكشبارة" بيننا لنستعين بها على المسير في مرحلة بناء مجتمع "العزة والغنى"، وإذا بنا نجد أناسا اشترطوا لأنفسهم حقا إلهيا اخترقوا به كل تلك القيم وفي اعتقادهم انهم سيصلون بهذا الشرط إلى الأهلية القادرة على صناعة مبدأ حق اصطلحوا عليه "المشاركة" البرلمانية كعوض عن مساوئ الرفض السياسي السلبي الأزلي للطائفة، وغالوا ومادوا عن صياصيهم لإثبات الكفاءة السياسية أمام ذوي السيادة، والقوا في روع الناس أنهم سداد الذرائع ، وإذا بالمفاجأة تأتي بالمكافئة: برلمان يشهد بهم تحولا "دراماتيكيا" من سلطة تشريعية لاستعراض الرغبات إلى "لجنة دراسات" تنتهي صلاحيتها عندما تتشكل لجنة وزارية لتصحيح "الأخطاء الفردية في الأخلاق والعادات والتقاليد الأصيلة"! .

الأولى ثم الأولى أن تَستبدِل سلطة جزيرتنا مسمى "البرلمان" بمسمى "لجنة دراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" حتى يجري انتخابها في نوفمبر القادم بروح رياضية تزيد للحكومة من مساحة الإقطاع وفق نصوص قانونية يقرها تشريع بمعروف أو إحسان.!

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م