إن السلوك البشري والموقف الإنساني لابد أن يكون خاضعاً لما تمليه الشريعة الإسلامية فإن كل ما يصدر من الإنسان من فعل أو قول أو إعتقاد لابد أن يكون تنظيمه من قبل ما ترسمه الشريعة الإسلامية من المواقف العملية.
فإن الإنسان بعد أن آمن بالله عز وجل والإسلام والشريعة وعرف أنه مسؤول - بحكم كونه عبداً لله تعالى – عن امتثال أحكامه وأوامره والإنتهاء عند نواهيه فهو ملزم بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة وبين الشريعة الإسلامية.
و لكي نتابع خطوات الإسلام في تنظيم السلوك الإنساني لابد من معالجة وضبط العوامل التي تدخل في بناء هيكلية الفعل الإنساني وسلوكه وفق ما ترسمه الشريعة الإسلامية.
و من أهم العوامل المؤثرة في بناء السلاك مجموعة المبادئ والأفكار والقيم الإجتماعية والمفاهيم الحياتية التي يحملها الإنسان ويؤمن بها فإن المحيط الفكري والحضاري بما فيه من عقيدة وقوانين وآداب وعادات وأخلاق وتقاليد وأعراف لها تأثيرات بالغة في تكوين الشخصية وتحديد سلوكها.
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ،قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ).
فانظر إلى تأثير البيئة والموروثات الإجتماعية من عقائد وأخلاق شاذة ومنحرفة على حياة الإنسان ،وانظر إلى تأثير البيئة الإجتماعية الصالحة وفاعليتها في توجيه الفرد وإصلاحه والتأثير على سلوكه وتفكيره وأفعالها في قوله تعالى : ( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ).
فتأتي الشريعة راسمة لمنهجية السلوك البشري وموضحة للرؤية الحياتية والأساليب العملية من خلال القنوات الشرعية.
ومن تلك العادات والتقاليد المنحرفة مصافحة الرجل الأجنبي للنساء الأجنبيات ،ويبدو أنها عادات هجرت على مستوى المجتمعات الكبيرة بالنسبة إلى النساء المتدينات إلا أنها ما زالت قائمة على مستوى المجتمع العائلي حتى بالنسبة إلى النساء المتدينات ،فإنه قد تحصل المصافحات بين النساء الأجنبيات مع الرجل الأجنبي عليهن خصوصاً إذا كان وجيهاً في العائلة وفي أوقات المناسبات وتحت مناخ الخجل.
سُأل أبي عبد الله (ع) : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم ؟ فقال (ع) : لا ،إلا من وراء الثوب.
فمصافحة الرجل لغير ذات محرم كابنة العم وابنة الخال حرام ،إلا من وراء الثوب فلا مانع منه بشرط أن لا يغمز كفها ،كما أن الخجل لا يعد عذراً مسوغاً لجواز المصافحة بلا ثوب عازل ،فإنه يجب مراعاة الثقافة الإسلامية والتكاليف الشرعية وتقديمها على العادات الموروثة المنحرفة ،والحمد لله رب العالمين. |