دِيك الحكومة يصاب بانفصام الشخصية
كريم المحروس 25/12/2009م
هل سمعت بديك مصاب بمرض "انفصام الشخصية"؟!
أصيب أوسم ديك في حظيرة بحرانية بهذا المرض في لحظة تعقل .. هل تصدق ذلك؟!
دلالة حكاية "الديك الوسيم المصاب بانفصام الشخصية" ترد إلى ذاكرتي حيث أجد نفسي منشغلا بمتابعة مدى العلاقة بين إعلام مملكة البحرين الرسمي والإحياء الشعبي الكبير لموسم عاشوراء.. وتتسع هذه الدلالة عندي حين أرى العديد من وكالات الأنباء الأجنبية تفد على جزيرتنا لتغطي مناسبة عاشوراء بتحقيقات إعلامية عالية الجودة، بينما يكتفي إعلام الدولة الرسمي ببث خطبة هزيلة واحدة أحيانا وترتيل لبعض الآيات الكريمة، جريا على العادة القديمة المبنية على شبهات أمنية تتصل باستراتيجية سيادة لون طائفي واحد ممثل للدولة وبناها الاجتماعية والسياسية على حساب حق الطائفة الأخرى .
تقول الحكاية: اجتمع ديكة متخصصون في الطب النفسي على أمل إيجاد حل لمشكلة نفسية معقدة التركيب كانت أخذت من الديك الوسيم الوحيد في الحظيرة مأخذا عظيما .. وكان الفشل حليفهم في أولى مراحل العلاج حتى أصيبوا بحرج شديد أمام عشاق هذا الديك ومريديه.
يقول كبير أطباء الديكة أن فريقه فوجئ بهذه الحال المرضية الفريدة في الحظيرة: ديك وسيم يعتزل الحظيرة ويظل مختبئا تحت أكوام من العشب طول النهار .. وكلما اقترب منه أحد نظرائه في الحظيرة؛ أصيب بالفزع والهلع وارتعشت فرائصه وتصبب عرقا غزيرا؟! .. إنه أمر لا يخطر على بال أحد في مجتمع الحظيرة .. تحرينا في الأمر بحرص شديد ومراقبة دقيقة، فاكتشفنا أن الديك الوسيم تعقل! .. تعقل يوم استرق النظر إلى أعضاء جسده وفكر في هيئة بدنه للحظة، فرآها حبة رز حمراء اللون ولم يكن فيه من هيئة الديك الوسيم إلا وهم وخيال ، لذلك أوجب على نفسه الانعزال حتى لا تلتهمه أفواه ديكة الحظيرة.. وفي ذلك بذل صحبته من الديكة الآخرين جهودا جبارة لإقناعه بـ"ديكيته" لا "رزيته" على أن يصحو من تعقله ويعود إلى سيرته الأولى كديك وسيم تشد الألباب مشاهدته .. كل الديكة يقولون بأنهم فعلوا ما بوسعهم فكان عبثا ما فعلوا.
أضاف كبير خبراء الديكة الأطباء بقوله: نجحنا أخيرا بعد جهود مضنية في إقناع الديك الوسيم بحقيقة ذاته، ورجع عن تعقله، وصار يعتقد من جديد أنه ديك وسيم لا مثيل له في الحظيرة ، ولكنه لم يفتأ يعتزل مجتمع الديكة .. فاضطررنا لإخضاعه مرة أخرى لوجبة مساءلة نفسية دقيقة من حيث لا يشعر ، فاكتشفنا أن الديك الوسيم هذا أصبح منذ الأمس على إيمان مطلق بـ"ديكيته" ولكنه ظل على إيمان مطلق أيضا بأن ديكة الحظيرة كلهم باتوا يجمعون على الاعتقاد بأنه "الديك الوسيم" ما هو إلا حبة رز حمراء مثيرة لشهية الأكل منذ ولادته ، وسيبقى على ذلك حتى حين وفاته. . "قوم فجج"!
تبدو مظاهر هذا المرض شاخصة أكثر من أي وقت مضى في دوائر إعلام مملكة البحرين .. أرأيت إذا جاء موسم عاشوراء تغطيه كل الفعاليات الشعبية السياسية والاجتماعية والثقافية وتشارك في إحيائه في كل جزر البحرين المأهولة، يكذبه إعلام رسمي محلي يدعي الوطنية، ويدعي تحرره من كل أورام الشك والريبة في إخلاص مواطنيه، ويدعي المثالية في تبني مسؤولية الترويج لمشروع بناء دولة حديثة عادلة خالية من أي تجاوز سياسي على حد طائفي.. إن في الأمر لريبة!
كنا نرقب أعلام مملكة البحرين بعد "حركة الإصلاح" حيث كان يردد نظرية مثالية دعائية بحجم حاجات الولايات المتحدة الأمريكية من خلال خطب الترويج الدعائي في المؤتمرات والندوات المحلية والإقليمية والدولية وحتى خطب الجمعة في بعض المساجد المحسوبة على جهات طائفية خاصة.. حتى ظننا أن هذا الأعلام أصبح اليوم على غير ما كنا نراه فيه من صلافة واعتداء يومي على دين الطوائف وقيمها وارثها وطبائعها وعاداتها الثقافية ..وكدنا نؤمن بأن القائمين على مقدرات الدولة لم يتخلفوا عن علاج هذه المؤسسة الخطيرة، فأخرجوها على هيئة متحررة من كل رجس أمنى أو سياسي .. وإذا بالحقائق تترى لتؤكد في غير مرة على أن للإعلام الرسمي ضرورة خاصة غير منظورة لعامة المواطنين، متممة لمهام وزارتي الداخلية والدفاع المشيدتين على أساس طائفي سيادي لا عدول عنه في أي حال من الأحوال ولو كلف ذلك تضحية الحكومة بما يسمى "الوحدة الوطنية". فلا يرجى من هذا الإعلام أن يتواضع اليوم ليشحذ أدواته فيسخرها لتغطية مناسبة دينية شعبية كان يعتقد فيها من قبل "مؤامرة" طائفية لتقويض أنظمة الحكم والتحريض على النيل من الشخصية الاعتبارية للدولة وكل مؤسساتها. |