التربية الجنسية
أ.محمد جواد مرهون
يتهم مفكرو الغرب المسلمين بالكبت الجنسي، بدءاً من التربية الجنسية للأسرة مروراً بالمدرسة ووصولاً إلى العقوبات الصارمة واللاإنسانية, التي يقرها المشرع الإسلامي من الجلد والرجم ,حين يتوافق عاشقان من ممارسة العملية الجنسية برضاهما . وهم يعزون الجرائم الجنسية في العالم الإسلامي مردّه إلى التزمت في التربية الجنسية ,والصرامة في تقييد الحريات , والوقوف ضد طبيعة الإشباع الجنسي, والرغبة الإنسانية لتلاقي الجنسين،كما يستشهدون بالغريزة الجنسية التي تصل حتى الشذوذ لدى المسافرين المسلمين إلى عالم الغرب المتحرر.
وهم يتباهون (الغرب) بالإباحية الجنسية التي تصل حتى الإشباع ، وحرية الاختيار التي وصلت إلى الزواج المثلي ، وتنظيم البغاء ووجود نقابات للدفاع عن حرياتهم وصون حقوقهم ، كل ذلك مؤطر بقوانين وتشريعات تنظم المجتمع وتحمي الحريات وتمنع الاعتداءات والجرائم الجنسية.
والدول الإسكندنافية ( السويد،الدنمرك ، النرويج، فنلندا ..) أول الدول الغربية السباقة في هذا الاتجاه ،وهي تشجع أبناءها على إقامة العلاقات الجنسية, منذ البلوغ , وتتحاور معهم حول هذه العلاقة, ومدى السعادة التي تغمرهم مع أصدقائهم من الطرف الآخر، وهم يعتبرون إن الفرد البالغ من العائلة الذي لا يقيم علاقة عاطفية وجنسية, متأزماً نفسياً ويبحثون عن حلول لأزمته، إلى الحد الذي يطلب الوالدان في المجلات الإعلانية فرداً في عمر ابنتهما ، لكي يخرجها من عزلتها ويمثل عليها الحب , مقابل مبلغ متفق عليه. هذه المزاعم كلها فندتها لقطات شاهدتها في برنامج تلفزيوني حيث تتدرب النساء والفتيات على فن الدفاع عن النفس من اعتداءات الرجال ,حينها ابتسمت ساخراً عندما علمت أن هؤلاء المتدربات سويديات ، ثم ذكر تقرير البرنامج إن في كل ساعة تحصل حادثة اعتداء جنسي وذكر عدداً كبيراً لا أتذكره ولعله 40 حادث اعتداء في السويد ,وهي أكثر الدول تباهياً بالإباحية الجنسية،فلماذا لم تمنع الإباحية هذه الاعتداءات ؟!
إن النفس الإنسانية عندما تنحدر تصل إلى الحضيض وتفوق الحيوانات، وكل ما حصلت من إشباع تطلب المزيد, فما عاد يشبعها الجنس السهل، فتطرب إلى استغاثات الضحية وصراخها , وهذا المنزلق النفسي للشهوات والغرائز, قاد الغرب إلى الزواج المثلي وحفلات تبادل الزوجات والممارسات الجنسية الجماعية والقنوات الجنسية الإباحية ’ ومواقع الترويج الجنسي في الشبكة العنكبوتية, واختتمها بدعارة الأطفال والاستمتاع بغض براءتهم وتشويه عالمهم , واضطراب نفسياتهم. وتصدير كل هذه السخافات والرذائل والفجور إلى عالمنا الجاهل بالتربية الجنسية.
إذا ما رجعنا إلى ديننا الإسلامي الحنيف وجدنا تعاليمه, شملت حياة الفرد كلها. ونظمت حتى حياته الخاصة وعلاقته الحميمة مع زوجه في فراش الزوجية.
سواء الآيات القرآنية أو أحاديث الرسول (ص) أو أقوال الأئمة (ع) كقوله تعالى في كتابه الحكيم:" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نسائكم .." وقوله"وأنكحوا الأيامى من نسائكم ..."
وآيات كثيرة لا يتسع لها المقام،ونقتصر على حديث واحد للرسول (ص) : لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة ، وليكن بينهما رسول ، قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال القبلة والكلام .."
إذن لم يستبعد ديننا الحنيف التربية الجنسية ,بل أحاطها اهتماماً وحث عليها , ولكن عاداتنا وتقاليدنا وجهل معظمنا للتعاليم الإسلامية ,خلق لنا واقعاً مفاده الكبت والحرمان , والعيب والحرام ,حتى أصبحنا لا نستطيع أن نرد على أسئلة أطفالنا , أو تساؤل ناشئتنا , وألا نبدد حيرة شبابنا , الذي يضطر للبحث عما يعانيه من أناس غير مؤهلين , ومن مواقع تغويه بدل أن تفيده.
لذلك علينا أن نلتزم بديننا ونغير من عاداتنا وتثقف جنسياً, حتى نكون مؤهلين للتربية الجنسية لأبنائنا ,ومحاورتهم كل قدر سنه ’ ونوع سؤاله.
|