يعيش أهالي المنطقة حالة غربة مع مؤسسات العمل التطوعي بغض النظر عن نوعية هذا العمل. فأينما توجهت تكاد ترى نفس الوجوه التي نذرت وقتها لخدمة أهالي المنطقة. ولهذا العزوف نتائج حتمية، لابد لها من الظهور إن لم تكن قد بداءت بالفعل. سأحاول هنا تسليط الضوء على بعض هذه النتائج ودراسة الأسباب والهدف طبعاً أوضح من أن يحتاج إلى تبيّن. إن من أهم نتائج هذا العزوف : -
أولاً: استمرار المجموعة العاملة تنتقل في عملها من مؤسسة إلى أخرى أدى إنتاج نفس الفكر وسيطرته على آليات العمل، كما وفي الوقت نفسه عطل عجلتي التجديد والتغيير اللتان بهما تسير مركبة أي عمل نحو الأفضل، لذلك بقيت تلك المؤسسات تراوح في مكانها, مما أثر سلباً على نوعية العمل المقدم, وكان الخاسر الأوحد بالطبع هو نحن ... أهالي المنطقة.
ثانياً: نظراً لقلة عدد العاملين المخلصين والازدياد المطرد في كمية العمل التطوعي، ظهرت فئة مغايرة من العاملين، أولئك الذين يحملون معهم أجندتهم الخاصة، ونحن أهالي المنطقة نعرفهم جيداً، نراهم في كل محفل فهم لايترددون أن يزجوا بأنفسهم في كل عمل حتى وإن كان هذا على حساب العمل نفسه، يعملون على تحقيق أهدافهم أولا ً , وذلك بما يتناسب مع الخطوط العامة لتلك المؤسسة.
ثالثاً: وفي هذه الاثناء ومع ابتعاد الفاعلين من اهالي المنطقه عن العمل, ظهر في هذه المؤسسات من يريد أن يعمل وبإخلاص ولكنه لا يحمل فكراً يتناسب مع مثل هذا الدور، وبدل أن يعمل على مد جسور التواصل بين أهالي المنطقة تراه ومن حيث لا يعلم يقطّع ما بقي منها.
هذه اهم نتائج حالة العزوف التي نعيشها, الآن لنحاول أن نرى أسباب هذه الحالة. يبدو لي أن هناك عدة أسباب بعضها له علاقة بنا كأفراد والبعض الآخر له علاقة بالقائمين والعاملين حالياً في هذه المؤسسات ولأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم. سوف نبدأ بما يتعلق بنا كأفراد.. سوف نبدأ بالنظر إلى الداخل ... يبدو لي أن الظروف السياسية والاجتماعية في ظل قانون أمن دولة كانت لها بالغ الأثر في زعزعة ثقة الفرد منا بنفسة وإيمانه بذاته, لأننا كنا مسلوبي الإرادة لم نكن نشعر بمقدرتنا على التغيير حيث كنا نرى كل شئ يفرض علينا .. في كل مكان.
أمر آخر يقف وراء أحجامنا عن الانخراط في العمل التطوعي, وهو عدم امتلاكنا لثقافة الاختلاف فكان معظمنا يجعل من خلا فاته الفكرية والاجتماعية حاجزاً بينه وبين الآخرين وسوف أخصص موضوعاً خاصاً لدارسة هذه الحالة في المنطقة ومحاولة لترويج ثقافة الاختلاف، فالكثير منا لا يقبل العمل في هذه المؤسسة لأن القائمين عليها لون مختلف عن سربه ... فنحن لا نستطيع أن نختلف معهم دون أن نبعدهم في الخندق الآخر.
ثمةإحساس لدى العاملين في المؤسسات بأنه ليس هناك من يستطيع أن يحل محلهم .. ومع مرور الوقت يتكون لدى هؤلاء حالة من فرض الوصاية على هذه المؤسسة او تلك عندئذ لا يتم مباركة أي فرد او أي عمل إلا عندما يمر من خلال هذا الوصي. أيضاً هناك تغلّب جماعة واحدة على المؤسسة مما يجعل الدخول فيها أشبه ما يكون بمحاولة أختراق سور الصين العظيم. ونحن في مركز شباب النعيم تتفرد لنا حالة خاصة ... فنحن نعيش أقسى حالات هذا العزوف وأعصاها على العلاج وذلك عائد لقائمة من الأسباب الخاصة تضاف إلى تلك الأسباب العامة فتزيدها غلظة..... يعتقد الكثير من اهالي المنطقة أن المركز جاء إلى هذا العالم عبر ولادة غير شرعية،فقد طلبت المؤسسة العامه للشباب والرياضة من إدارة النادي انذاك اختيار مجموعة من خيرة شباب المنطقة للمجلس التأسيسي للمركز, وبهذا الاختيار شعر البعض بالاقصاء وكانت اللبنة الاولى للجدار. ومن ناحية اخرى ورث المركز تركة النادي الثقيلة بسبب تكرار العديد من الوجوه التي كانت قائمة على النادي اما القشة التي قصمت جسر تواصل الشباب مع مركزهم كانت موقعه المتاخم لحدود المنطقة.. ولكن هذا كله لا يمنع من أن القائمين على المركز حاليا وبما يتمتعون به من رحابة الصدر وسعته ما يجعلهم اكثر من سعداء لتقبّل أي نقد بناء وقبول أي اقتراح مثمر لذلك أنا هنا أوجه دعوة لجميع أهالي المنطقة بالتقدم إلى عضوية المركز والعمل الجاد في محاولة منا لرفع المستوى الثقافي وتعزيز التواصل بين أهالي المنطقة. فالنعيم كانت دوماً مصدر فخر لنا ...فلنعمل معاً على أن تبقى كذلك لابنائنا.
|