غازي عبدالمحسن
كم كنت شغوفاً وأنا أتابع تحركات سموكم العملية منذ اليوم الذي أصدر فيه والدنا العزيز صاحب الجلالة أمره السامي بتعيينكم ولياً للعهد - كم كنت شغوفاً - باكتشاف شخصيتكم الشبابية التي يعلق عليها شباب البحرين آمالهم لمواجهة التحديات المستقبلية. فأنا أعترف لك يا صاحب السمو بأنكم قد شكلتم لشريحة الشباب في البداية لغزاً لم يعرفوا كيف يفكوا رمزه، لا لصعوبة معرفة كنه صفاته ولكن بسبب البساطة الغارقة في التواضع فالمتّوج بولاية العهد إنسان أولاً وأخيراً تتحدث عنه الأوساط الشبابية في مدرسته، وفي المحافل الرسمية والشعبية بأنه وبكل بساطة ما تحتاجه القيادة المستقبلية.
نعم، لقد نزل سموكم بتواضعه إلى الشريحة الشبابية في أنشطتها كافة وحتى ميدان السياسة والتعليم والاقتصاد وهذا ما خلق اهتماماً من قبل هذه الشريحة بتحركاتكم وأنشطتكم اليومية ما أكتبه يا صاحب السمو ينطلق مما يطمح له شخصكم الكريم عندما سّن سنته الحميدة بإيفاد الطلبة المتفوقين لأفضل الجامعات في الخارج ليعودوا قادة يرسمون بحرين المستقبل في شتى الميادين.
ما أطمح إليه يا سيدي هو أن تمتد يدكم الكريمة ولا أظنك غافلاً - إلى فئة الشباب العالقة على البرزخ!، فلا هي فئة محسوبة على البرامج والأنشطة الرياضية التي تنظمها الاتحادات المختلفة ولا هي محسوبة على الأنشطة المنظمة من قبل المدارس والجامعات، إنها فئة تشكل عشرات الآلآف وهي بلا شك رقم صعب من جميع النواحي سواء الاجتماعية أو الرياضية أو الاقتصادية أو حتى الأمنية.
أعترف لك يا صاحب السمو بأنني ومجموعة من رؤساء الأندية والمراكز الشبابية قد أعيانا التعب وأخذ منا اليأس مأخذاً عظيماً لأننا وجدنا بأن هذه الشريحة الشبابية الممتدة أعمارها من 13 - 25 عاماً ومن الجنسين في مهب الريح، لعجزنا عن توفير البرامج والأنشطة التي تلبي احتياجاتهم وما أعظمها وأصعبها من برامج في ظل إمكانياتنا المخجلة والمقرات المتهالكة والموازنات العرجاء التي يبتلعها إيجار مقراتنا وغياب الإداريين المتخصصين.
أنا هنا يا سيدي لا أذم أبداً في الجهة التي تقوم على هذه الفئات فهي أيضاً تحتاج لعين الرأفة منكم لتواضع موازناتها وإمكانياتها، نتطلع من سموكم الكريم وكما حوّل البحرين إلى ورشة اقتصادية قبل سنوات أن يوجه أمره الكريم بدراسة ما تحتاجه البحرين أولاً من هذه الفئة الشبابية التي إن روعيت كانت سلّماً يرتقى لمجد البحرين وإن أهملت تحولت إلى برميل بارود يستغله من يريد السوء ببلادنا والشر لأولادنا.
إن فئة الشباب يا صاحب السمو ومعهم رؤساء الأندية والمراكز الشبابية يتطلعون لرعاية سموكم ورشة تقودها أعرق المؤسسات الدولية والإقليمية من خلال مجلس التنمية الاقتصادية والمجلس الأعلى للشباب والرياضة لوضع دراسة متكاملة تواكب الاستراتيجية البحرينية حتى العام 2030م تختص بالتنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية لفئة الشباب وتحديد مسئوليات الأندية والمراكز الشبابية وكذلك تحديد الإمكانيات التي يجب توافرها كالمقرات والموازنات والقيادات الإدارية.
إن اللصيق بشخصية سموكم يعرف بأن شخصيتكم لا تعترف إلا بالحقائق والأرقام لا بأحلام اليقظة وهذا ما نحتاجه اليوم وكل يوم عندما نتصدى لمشاكلنا فلو لجأنا إلى لغة الأرقام لتوضيح ما نريد توضيحه سنلجأ للمثال التالي لبيان المشكلة التي وجدنا فيها أنفسنا بمعية شباب البحرين وهي المشكلة التي تهدد العمل التطوعي والشبابي في آن ولعل ما سنسوقه من مثال خير دليل على ذلك:
- مركز شباب النعيم في منطقة يشكل سكانها 4 آلاف نسمة.
- يشكل الشباب منهم 60 في المئة أو أكثر حسب آخر الإحصاءات أي 2400 شاب وشابة.
- تبلغ موازنة المركز الشبابي الآن 2000 دينار أي ما يعادل 833 فلساً لكل شاب سنوياً (ثمانمئة وثلاثة وثلاثون فلساً)!.
- يتواجد مقر المركز الشبابي في شقة سكنية ولكم أن تتخيلوا صعوبة الحصول على إيجار مناسب في العاصمة.
- يمتلك المركز الشبابي أرضاً لمقره المستقبلي تحتاج ما بين 300 - 500 ألف دينار للبناء.
- تبلغ متأخرات إيجار المقر 2500 دينار حتى الآن؟!.
هذا غيض من فيض للواقع الذي يعيشه شباب البحرين يا صاحب السمو في مناطقنا ولعلي حرصت على أن أوضح بالأرقام ما أعرفه جيداً حتى لا أجافي الحقيقة المرّة، ولعل تشخيص الحالة الشبابية هي ما نحتاجه أولاً قبل وضع الحلول السحرية التي ينادي بها البعض، وهو لا يعرف الواقع المعاش ولا الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعيشها مملكة البحرين. وعليه فإن إحدى رغبات شبابنا أن يقوم سموكم بإصدار توجيهاته السامية لمجلس التنمية الاقتصادية والوزارات الحكومية كالداخلية ممثلة في المحافظات ووزارة التربية والتعليم والعمل والصحة والمؤسسة العامة للشباب والرياضة لتشكيل ورشة عمل دائمة لوضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات الكفيلة بالنهوض بالشباب للاستفادة من طاقاتهم في خدمة هذه البلاد وتوجيههم الوجهة التي تكفل المحافظة على الهوية الوطنية التي تتشكل في هذا السن الحرج وكذلك الاستعانة بمرئيات المجلس الأعلى للمرأة والجمعيات الشبابية والأندية والمراكز الشبابية والجمعيات النسائية لسد هذه الثغرة في سور مملكة البحرين.
والله من وراء القصد.
المصدر:
صحيفة الوسط
العدد 2349 الثلثاء 10 فبراير 2009 الموافق 15 صفر 1430 هــ