رضوان الموسوي
شهدت الساحة في الآونة الأخيرة ( ديسمبر الماضي ) أحداثا أمنية كبيرة وخطيرة على البلد عموما ، وقد كانت الإحداث مبعثها قضايا سياسية وملفات ( متراكمة ) تحتاج إلى علاج جذري لها ، أدت تلك الإحداث المؤسفة لسقوط الشاب على جاسم شهيدا متأثرا بالمواجهات التي جرت بين قوات الأمن والمتظاهرين بعد مسيرة يوم الشهداء تقام سنويا و التي منعت هذا العام .
ومن المعروف أن المواجهات في كل العالم في حالات الاحتجاج الشعبية تسقط فيها جرحى وفى مرات قتلى أيضا ، ولكن عادة ما تقوم السلطة بسرعة معالجة الأمر وتداعياته ، وتشكل لجنة تحقيق ترفع توصيات للوقوف على أسباب تلك المواجهات ودوافع الاحتجاجات ، فتضع خطة عمل لحل الأزمة ، من خلال أول المعالجة السياسية الفاعلة ، وفى ذات الوقت تتحرك لمحاسبة الأشخاص المتجاوزين للقانون من رجال الأمن المتصدين لقمع المتظاهرين ( تفريق المحتجين ).
وفي الغالب الأعم يكون هنالك حلا توافقيا بين السلطة والمعارضة أو الجهات التي قادت الاحتجاجات وتضع حلولا بالتسالم للطرفين وهو في مجمله حلا سياسي بعيدا عن أروقة الأجهزة الأمنية وأدوارها .
هذا هو الطبيعي في الدول العريقة والمتقدمة ديمقراطيا أو حتى في بلدان تنمو سياسيا أو في حالة مرحلة انتقال سياسي في البلاد ( البحرين مثلا ) . فالحلول الأمنية هي أخر العلاجات التي تلجاء لها الحكومات لحل اى أزمة أو مشكلة سياسية ما، واللجؤ إلى قوات الأمن أخر الحلول عندما تستنفذ الحلول السلمية الودية المتقدمة .
وهذا ماكان يجدر بالحكومة أن تبادر له في الأزمة الأخيرة إذ كان من المؤمل أن تتحرك الدولة على الجانب السياسي وتحاول إيجاد حلول للازمات السياسية ومعالجتها بالأدوات السياسية التي تتسم بالحكمة والمرونة أكثر من الأساليب إلى تأخذ طابع الحسم والغلظة في التعامل والتي بلا شك ، لا أن تلجاء إلى الاساليب والطرق الأمنية التي تعقد الأمور أكثر مما تحلها .
فالعلاج الامنى ليس من الحكمة قط ، ونحن في مرحلة سياسية انتقالية نحتاج فيها إلى الكثير من التعقل في العمل والتروي وفتح أبواب أوسع للتحاور والتواصل الحوار والتفاهم والجلوس على طاولات الحوار بدلا من الاتجاه إلى الشارع وحل الأزمات السياسية عبره ، فيؤدى ذلك الى المزيد من تعقيد الأمور وينح بالبلاد إلى نفق مظلم غير معروف نهايته . ناهيك عن أن مثل تلك الاساليب ( العلاجات الأمنية ) من شانها أن تأخر التقدم فى البلد تنمويا وسياسيا واقتصاديا ، عدى عن الآثار الاجتماعية التي تتركها تداعيات مثل تلك المواجهات في الشارع والتي بصعب التكهن بنتائجها الوخيمة على المجتمع عموما .
من هنا فان الحكمة تستدعى التوقف قليلا والتأمل عميقا فيما جرى من أحداث ، ففضلا عن توزيع وتبادل الاتهامات بين الطرفين ( المعارضة والحكومة ) الأجدى هو اللجؤ إلى أسلوب الحوار والتفاهم .
وهذا ما طرحه سماحة الأمين العام لجمعية العمل الاسلامى في اللقاء الذي جمعه مع وزير العدل الشيخ خالد بن على أل خليفة حيث أكد الشيخ المحفوظ (على ضرورة أن تجلس الحكومة مع المعارضة في جلسة حوار مكشوفة وصريحة ويعلن للناس فيها مايجرى) ، وهذا الطريق الأسلم للعبور بالبلاد من الأزمات التي تعانى البلاد منها . وأتصور انه حتى إذا أتى ذلك الحوار متأخرا، فلا يمنع الاستمرار فيه ، فانه ياتى متأخرا أفضل من أن لا ياتى أبدا . وقد تكون ألان الفرصة سانحة مؤتية أكثر من اى وقت أخر ، وذلك للجلوس على طاولة الحوار بين الحكومة والمعارضة وطرح كل الملفات العالقة خصوصا التي تحتاج إلى الحوار والكاشفة والمصارحة ، عن قرب بدلا من توجيه الاتهامات ومسلسل اللغمز واللمز بين الطرفين الذي لن يستفيد الناس في تثبيت حقوقهم في شئى ، بل سيؤثر ذلك سلبا في اى تحرك على حل الملفات المهمة والعالقة أكثر . ومن هنا نقول أننا أذا أردنا أن نبنى دولة المؤسسات والقانون فلنبدأ معا في رسم هذا البناء لكن من خلال قنوات الحوار والانفتاح، لا من خلال قنوات القمع والاعتقال والسجن والتعذيب.
|