الخوف من إيران والأمان من أمريكا
إن عشت أراك الدهر عجبا، وها أنا عشت لزمن مشحون بالعجيب والغريب من الأمور والمواقف..
فأمريكا التي تأجج الحرب في العالم وترعى الإرهاب كما ترعى الكلاب وتطلقهم حيث تريد ليست بالدولة المخوفة بل هي دولة مأمون منها.. وأمريكا التي تنشر جواسيسها وعملائها وعملاء إسرائيل في كل دول الدنيا ليست دولة مخوفة وإنما دولة مأمونة..
وأمريكا التي تفرض تدخلها في كل مواقع الوجود وبالصراحة والعلن رغب الطرف الآخر أم لم يرغب دولة مأمونة وليست مخوفة..
أمريكا التي بصراحة تؤلب الأطراف على بعضها في مختلف البلدان لأجل مصالحها ويعلن رئيسها ذلك في جملة من المحافل.. دولة مأمونة وليست مخوفة..
أمريكا التي بيدها تجارة السلاح في العالم والذي يريد أن يشتري السلاح لابد وأن يدخل هذا السوق من الباب الأمريكي مباشرة أو بواسطة الحجاب ليست بالدولة المخوفة بل هي دولة مأمونة..
أمريكا التي تسلب حريات البشرية وتنتهك حقوق الإنسان دولة مأمونة وليست مخوفة..
أمريكا التي تسرق أموال الدول والشعوب دولة مأمونة وليست مخوفة..
أمريكا المدافع الرئيس عن دولة إسرائيل التي تعلن رغبتها باحتلال العالم دولة مأمونة وليست مخوفة..
أمريكا.. أمريكا.. دولة مأمونة وليست مخوفة..
أما إيران التي لا يلصق بها جزء يسير من هذه التهم فهي دولة مخوفة وعلى كل من يلفظ بكلمة إيران أو يذهب لزيارة العتبات المقدسة في إيران عليه أن يدفع ثمن ذلك، لا لأجل شيء إلا لأحد أمرين:
· الأول: الحقد الطائفي الذي صنعته أمريكا في العرب السنة من إيران الشيعية، وفي دول الكفر من إيران الإسلامية.
· الآخر: التزاما بالأوامر الأمريكية في جعل إيران الدولة التي تمتلك الأطماع الكبرى في هذا العالم، وتصويره بأبشع من الأهداف الإسرائيلية..
وإذا كانت الشعوب والأمم في زمن من الأزمنة تعيش غفلتها فإنها تعيش في هذه الفترة جزءا من صحوتها على الأقل في استيعابها لمشهد الأحداث في العالم ومن هو المسئول عن تلك الفتن والمصائب والأزمات التي يعيشها العالم.. وما لم يتكشف فهو آخذ بالتكشف حينا بعد الآخر، إلا أن غلبة القوي على الضعيف هي التي تجعل من المصيبة أعظم..
عند ذلك كيف لا تخرج الشعوب لتنادي بالموت لأمريكا وتحرق العلم الأمريكي وتواجه أمريكا وتقبل بوصفها الشيطان الأكبر.. وكيف لا تعيش مع إيران في إطار كونها دولة مبدئية تعمل على تكريس جملة من القيم في وجودنا..
لست أريد أن أبالغ في وصف إيران بكونها دولة مثالية وإن كانت هي حسب معتقد البعض كذلك ولكني أريد أن أقول بأنه لو دار الأمر بين أمريكا وإيران، فأنه لاشك ولا ريب أن إيران أفضل من أمريكا، ولو أن البعض المهزومين من الواقع يرون الأمر عكس ذلك..
وعلى فرض الاختلاف في أيهما الأفضل أمريكا أو إيران يمكن الرجوع إلى النقاط التي بدأنا الحديث بها في وصف أمريكا تهكما بالدولة المأمونة وليست المخوفة ثم نطالب الضمير أن يحكم بموضوعية وإنصاف.. وإن كانت هناك منظومة أيدلوجية سياسية واجتماعية وفكرية واقتصادية تفرض على الوجود البشري أن ينحو عكس المفروض والواقع وإنما نحو المصلحة والمفسدة التي تحكمها تلك الأيدلوجية..
والمؤمل في ظل تلك الفوضى أن تتجه الأمة نحو الناحية المقدسة التي هي مصدر الفرج وتحقيق العدالة وتسأل الله الفرج لها لإنقاذ الأمة من الكارثة الأكبر..
إنه ولي التوفيق.
|