ملاحظة: تم استلام هذا الموضوع في بعد انتهاء المناسبة المخصص لها، لذا وجب التنويه.
الاستعداد لموسم الأحزان
مع اقتراب الثامن من ربيع الآخر يكون الشيعة ومحبي أهل البيت(ع) مع موعد لمناسبتين الأولى حزن في عين فرح والأخرى امتزاج للفرح مع الحزن..
أما المناسبة الأولى فهي:
ذكرى ولادة إمامنا الحسن العسكري(ع) الذي سيلتقي الشيعة مع مواقع عديدة للتذكير به وبمقامه وشخصه وما إلى ذلك..
وأما الحزن الذي يكتنف هذه المناسبة السعيدة، فهو لأمرين:
· الأول:
أنه بالرغم من كل السنوات والقرون التي توالت ونحن نستذكر شخصه ومقامه وسيرته وكلماته إلا أنه (سلام الله عليه) لا يزال غريبا بيننا، فوحدها غربة المبادئ التي كرسها وفي طليعتها مبدأ التبري من أعداء آل محمد(ع) والتعبئة لظهور المصلح المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) شهادة على تلك الغربة.
· الآخر:
أنه بعد مضي عام على الفاجعة الكبرى التي نفذها النواصب وأعداء التشيع على حرم مولانا تأتي هذه المناسبة السعيدة ولا تزال الروضة العسكرية المقدسة في واقعها الذي خلفه فعل الأعداء (لعنهم الله) وهذا مما يبعث على الحزن والأذى.
وأما المناسبة الأخرى فإنها أم المناسبات وذلك لأنها مرتبطة بأم الوجود الصديقة الكبرى الشهيدة مولاتنا وسيدتنا فاطمة الزهراء(ع) ففي هذا اليوم أو ليله تحل ذكرى شهادتها(ع) طبقا لرواية أنها ماتت بعد أبيها بأربعين يوما كما يشير إلى ذلك صاحب ذخائر العقبى (ج1/ص52) والقرطبي في تفسيره (ج14، ص241) وغيرهما.. وهي بداية موسم الأحزان المعروف بموسم الفاطمية.. وهذه المناسبة تتطلب منا الإشارة إلى جملة من النقاط..
· النقطة الأولى:
إن الروايات الواردة حول تاريخ شهادة مولاتنا الزهراء(ع) تمخض منها عشرة أقوال أولها أنها رحلت بعد أبيها بأربعين يوما، ثم تتواصل، وقد أعرض العلماء الكبار عن التحقيق في أي التواريخ هو الأصح وذلك كان يعيش الناس جزءا من المعاناة التي عاشتها سيدة النساء، والتزم الأكثر منهم بإحياء ذكراها من هذا التاريخ وحتى ليلة مولدها في العشرين من جمادى الأخرى، أي ما يقرب من الـ68ليلة أو يوما، وهو ما يعرف بموسم الفاطمية.
· النقطة الثانية:
إن اتخاذ هذا القدر من الأيام والليالي موسما للحزن على مولاتنا الزهراء(ع) ليس بالأمر الكثير وذلك لـ:
1- أنها تحمل أرفع مقام في هذا الوجود.
2- أنها عاشت الحزن على مأساة استشهاد والدها مدة وجودها بعدها والتي تبلغ على بعض الروايات هذا القدر، فنحن نتأسى بها في ذلك.
3- أنها عنوان لظلامات المعصومين(ع) فبالجرأة التي وقعت عليها من الأشرار توالت الجرأة على نسلها الطاهر وشيعتها، فهو حزن على كل المعصومين(ع) وشيعتهم.
4- أنها نبراس يستضاء بها، فبهذا القدر القليل من إحياء ذكرها يكون بعث لرسالتها في هذا الوجود.
5- إنها السر الإلهي المستودع في هذا الكون، والسر صعب على المرء أن يعرفه ولكن يمكنه أن يحتمله، فبهذا القدر من الإحياء يكون إسهاما في بعث الوعي للاقتراب لمفهوم السر المستودع.
· النقطة الثالثة:
أنه من المهم إبراز الشعائر الدالة على (الحزن عليها) و(التأثر لفقدها) و(المواساة لظلاماتها)، وذلك من خلال (لبس السواد) و(عقد المجالس الفاطمية) و(المواكب الفاطمية) و(الرثاء الفاطمي) و(تقديم زاد الزهراء(ع) المبارك) وغيرها من الشعائر التي تجري في موسم عاشوراء.
· النقطة الرابعة:
هذا الموسم غير خاضع للجدل الذي تحركه جهات من داخل ومن خارج الوسط الشيعي، لأنه موسم (مودة) و(قربة) و(ولاء) وهو موسم وجداني في أساسه ولكنه يتعاطى مع الفكرة على أساس أن كل المعاني الوجدانية في خط العلاقة مع أهل البيت(ع) هي معاني معرفية وجزء من التكوين العلمي للفرد والمجتمع والأمة.
· النقطة الخامسة:
إن كمال هذا الموسم بأمرين:
- الأول: في إظهار ظلامات مولاتنا الزهراء(ع) وهو الذي يعكس جانب التولي.
- الآخر: في رد الشبهات والتشكيكات التي تتعرض للدين وهي الدين وهو الذي يعكس جانب التبري.
نسأل الله أن يوفقنا لتعظيم هذا الموسم، والالتزام بالثوابت في عصر المتحول، وذلك بالالتزام بحط المرجعية الدينية الأصيلة.. إنه ولي التوفيق.
وعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالزهراء(ع). |