رحلة الصيف
الآن وإذ بدأ حر الدنيا يلتهب والأولاد ينتهي موسمهم الدراسي يلجأ الكثير من الآباء لأخذ إجازة والفرار بعيالهم إلى حيث يمكن الفرار من البلدان الأفضل هواء وجوا، وتتنوع الدوافع في هذا الفرار بين:
* السفر السياحي. و* السفر العبادي.
ولا يدخل في مقالنا هذا الحديث عن السفر الغير منزه عن المنكر والفساد، بمعنى السفر بقصد المعصية، وإن كان بعض السفر العبادي وبعض السفر السياحي يتخلله المعصية عرضا لا ذاتا.
ونعني بتخلل المعصية عرضا لا ذاتا هو حدوث بعض القضايا التي تمثل خلاف الشرع في مثل هذين السفر بقصد أو بدون قصد والأمر كذلك في زماننا هذا الذي قل فيه الاحتياط والاهتمام بجزيئات الشرع المقدس واجبا أو مستحبا، حراما أو مكروها، وإذ ذلك انبغى الحديث عن أمر السفر في الصيف، ضمن جملة من النقاط:
* النقطة الأولى: عند قصد السفر لابد من دراسة أهمية هذا الأمر وفائدته على الشخص وأسرته، وإلا فليعرض عن السفر إذا كان سياحيا، وأما إذا كان عباديا بمعنى قصد زيارة العتبات المقدسة، فإنه لابد من هذا الأمر وإن تعالت صيحات في محاولة لثني الناس عن هذا النوع من السفر بذريعة (لا تشد الرحال إلا..) وهو الخطاب المعوج الذي لا يمثل مدرسة ومذهب الثقلين المأمورين بالتمسك بهما، بل ينبغي في ظل هذه الشبهات تفعيل السفر كرد عملي على تلك التظليلات.
* النقطة الثانية: هناك آداب ورسوم حثت عليها الشريعة غاية الحث ولها عللها وحكمها في أمر السفر، وقد كتب الفقهاء والكتاب في ذلك رسائل وكتب ومطالب ضمن مصنفاتهم وضمن مصنفات خاصة بهذا الأمر ككتاب الأمان لعالم الزاهد الجليل السيد ابن طاووس (قدس الله نفسه الزكية)، وهذه الآداب والرسوم تشمل ما ينبغي وما لا ينبغي، كما تشمل أيضا آداب ما قبل السفر، وآداب أثناء السفر، وآداب ما بعد السفر، وحتى يحقق السفر أثره لابد من الاعتناء بهذه الأمور.
* النقطة الثالثة: سواء كان السفر عبادي أو سياحي فلابد إلى جانب الترويح عن القلوب والأنس والفرح والبهجة أخذ جانب الجد بالاعتبار وعدم الإهمال عن التفكر والمراقبة الذين هما خلقين لا ينفكان عن الإنسان مهما كان وحيثما حل واستقر، والحذر من أن يستغرق الوقت جله في الهزل والمتعة والفرح بحجة أن هذا سفر سياحي، وتتسع دائرة المراقبة والتفكر والمحاسبة الذات والأهل والأصدقاء ممن يعتد برأيك، وخصوصا الأبناء والبنات لابد من رعايتهم غاية الرعاية كي لا تحرفهم بعض المساحات الخطرة في محيط السفر أو تنقل لهم العادات الغير جيدة والتي تنتشر في كل مناطق العالم ولكي لا تنتقل كالفيروز المرير ينبغي الحذر واليقظة.
* النقطة الرابعة: في السفر العبادي وخصوصا عند العتبات المقدسة لابد من ملاحظة أمرين:
-الأول: معرفة مقام غربة المعصومين (ع) والوفاء لهم، فعدم اتقان الزيارة لمقامات المعصومين(ع) دليل على أن لا معرفة حقيقية بالمعصوم(ع). - الآخر: الاعتناء بكل المقامات الخاصة بالمعصومين والأولياء وعدم احتقار الصغير منها، كما لا ينبغي التوقف عند الشبهات والمقولات التي تشكك في أصل الزيارة أو زيارة هؤلاء.
* النقطة الخامسة: لابد من أخذ بعين الاعتبار أمر ما ينقله المسافر من تلك البلدان من صور وعادات وهدايا بعي الاعتبار، إذ أن لكل ذلك تأثير على الحالة الاجتماعية حاضرا ومستقبلا، ففكرة غريبة تنقلها من البلد المزور إلى بلدك هي وحدها طريق للتغير الاجتماعي فكيف بغير ذلك.
ولا يعني تأطير السفر بهذا القضايا والنقاط محاولة لتضييق الخناق على السفر وجعله في عتمة وتنكيد ولكن هي جملة من النصائح للنفس وللغير. |