برهان القلة والكثرة
في جدلية الحديث عن الحق والباطل يدفع البعض ببعض المقاييس كبرهان القلة والكثرة في خط الجدلية ليقول ما لا يحق قوله ويربك معادلات الحياة..
برهان القلة والكثرة يعني إن الحق هو ما اجتمعت عليه الكثرة والباطل هو ما تمسكت به القلة..
وهذا من أسوء المفاهيم في جدلية الحق والباطل والصحيح والخاطئ.. فالقرآن الذي هو أصل متفق عليه هو في الاتجاه المعاكس لهذا البرهان.. وتعال معي لنتأمل آيات الكتاب المبين في الكثرة وكذلك في القلة..
في الكثرة: قال تعالى: {ولكنّ أكثرهم يجهلونَ}[الأنعام: 111]. وقال تعالى:{أكثرهم لا يعقلون}[الحجرات: 4]. وقال تعالى:{ولكن أكثرهم لا يعلمون} [الأنعام:37]. وقال تعالى:{وكثير منهم فاسقون} [الحديد:16]. وقال تعالى:{ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا ًمن الجن والإنس} [الأعراف: 179]. وقال تعالى:{ وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}[الأعراف:102]. وقال تعالى:{وإن كثيراً من الناس عن آيتنا لغافلون}[يونس:92]. وقال تعالى:{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}[يوسف:103]. وقال تعالى:{والذي انزل إليك من ربك الحقّ ولكنّ أكثر الناس لا يؤمنون}[الرعد:1]. وقال تعالى:{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}[الشعراء:8]. وغير ذلك من الآيات..
وأما آيات القلة، فمنها: قال تعالى: {وما قليل مّن عبادي الشّكور} [سبأك13]. وقال تعالى:{وقليل مّا هم} [ص: 24]. وقال تعالى:{فشربوا منه إلا قليلاً منهم} [البقرة: 249]. وقال تعالى:{وما ءامن معه إلا قليل} [هود:40].
وبهذا العرض يتضح أن الكثرة في موضع ذم والقلة في موضع مدح، وإن كانت هذه النتيجة ليست هي النهائية في الموضوع ولكنها في نفس الوقت قادحة بقدر ما في البرهان المذكور..
وعلى ذلك البرهان لابد من مراجعة الكثير من الأمور في القضايا الجدلية وقضايا الاختلاف..
ثبتنا الله وإياكم بالقول الثابت والله ولي التوفيق.
كتبه سيد محمود سيد مصطفى الغريفي |