التشيع بلغة السياسة
يطفو على السطح اليوم اسم التشيع ومفردته وتتجاذب الأطراف المتعددة الحديث عنه بما يحلو لها.. ولكن أكثر الأطراف يتحدث عن التشيع بلغة قشرية لا تتمكن حتى من تكوين سطر واحدة عن حقيقة التشيع.. ليس لأن التشيع سر لا يمكن كشفه.. ولكن لأنه عمق لا يمكن أن يرقى له أي متعلم..
يمكن للفطرة أن تصنع شيعا ولكن لا يمكن لجامعة ومدرسة أن تعلم التشيع.. وذلك لأن التشيع هو تكاملية ما بين وجدان وعقل، والوجدان لا يمكن بأي شكل من الأشكال صناعته بالدرس وفي المدرسة.. يمكن ترشيد العقل في المسار الذي ينبغي ولكن لا يمكن للوجدان أن تقول له بفعل الأمر كن وجدانيا..
وبذلك فإن المدارس التعليمية.. والفضائيات التهريجية خسرت ولم تربح إلا الضجيج الذي يستعذبه الفارغون.. أو الشكل الذي يجري خلفه القشريون..
ويبقى الأمر في دائرة الذات الشيعية كيف يمكن تعليم التشيع لمن لا يدركه؟
هذا سؤال لابد من طرحه والحديث عنه لأنه كما عندنا نمط لا تزال الفطرة تربطه بالتشيع وتشده يوما بعد آخر إلى تلك القيمة الكبرى، فكذلك عندنا نمطين آخرين، يرتبط بهما هذا السؤال، وهما:
·النمط الأول: وهو الذي عاش أهله عصور من الاضطهاد العنيف التي أدت بهم إلى اخفاء الهوية عن نسلهم بحيث بات النسل يعيش علقة بالتشيع دون أن يعرف أنه شيعي..
·النمط الآخر: وهو الذي ازدحمت عليه التجاذبات المتنوعة في الصراع الفكري المعاصر بحيث أصبح لا يدرك حقيقة التشيع، خصوصا إذا كان يرى عمامتين بنفس الثقل الاجتماعي تتضاربان في الرأي والاتجاه، وكلاهما يملك دليلا وإذا أراد أن يتابع النتيجة في تلك الاستدلالات فإنه لابد أن يتعطل عن الحياة ويبقى كامنا في هذا الحد.. وهذا أمر واقع لا نبالغ فيه..
وتكبر القضية أكبر من ذلك عندما تكون مفردة التشيع خارطة يرسمها السياسي الذي يملك موقعا متقدما في المجتمع وله انتصارته التي يكبرها المجتمع.. وهنا المصيبة أعظم..
فالسياسي كما أن السياسة عنده متحول.. وعنده مصلحة ومفسدة.. وعنده مناورة.. وعنده.. فكذلك التشيع هذه لغته عنده..
وهذه أخطر المسارات في الحديث عن التشيع..
لذا طرقنا أبواب هذا الموضوع لنقول: مهما تعلوا الأصوات وعلت.. فإن التشيع قاموس عميق لا يمكن للسياسي وإن كان شيعيا أن يترجم لغته.. بل يمكن لعالم متخلف بالمقاييس السياسية أن يترجمه على الأرض علميا وعمليا..
والله ولي التوفيق.. |