انتهى أسبوع الوحدة الإسلامية.. ولكن لم تنته رسالة الوحدة الإسلامية.. والكل يطلب من الكل باسم هذا العنوان ما يمكن وما لا يمكن.. ولكن الرؤية الأساس قد أكملت في اللقاء الماضي، وبقى السؤال الملح: أولئك الذين يتشددون في أمر الوحدة الإسلامية لماذا ليس لهم النصيب المطلوب في أمر الوحدة بين الشيعة أنفسهم؟! الذي هو أمر واقع لا مفر منه بعد أن نستثني أولئك الذين أدوا واجبهم على كل الأصعدة..
والجواب على هذا السؤال يقع في عدة نقاط: · النقطة الأولى: وهي ترتبط بمفهوم الوحدة الشيعية.. فالذين يطالبون بهذا الأمر لا يملكون معنى واضحا غير هذا العنوان وهو الوحدة الشيعية، ولكن بأي معنى، لا أحد يدري!! فمثلا في إطار الوحدة الإسلامية هناك ما يمكن أن نفهمه في أمر الوحدة الإسلامية، وهو ما تحدثنا به في المقال السابق.. أما الوحدة الشيعية التي يتكرر النداء حولها لم نستطع أن نقترب لرؤية أوضح مما قاله لنا المنادون بها، وهي: نبذ الخلافات، وتصفية النفوس، والتعايش والتواصل.. · النقطة الثانية: قد يبدو هذا العنوان والمطلب في ظاهره جميلا.. ولكنه من الشعارات الخداعة التي تتعارض في جانب من جوانبها مع شرع الله، فمثلا هناك من الخلافات ما بين الشيعة ما يرجع إلى الانحرافات العقائدية، والتي تسمى في الشريعة بـ(الضلال) والموقف الشرعي يطلب المقاطعة للمضلين، فكيف يمكن نبذ هذا الخلاف وتصفية النفس، والتعايش والمحبة، أو هناك حالة من التجاهر بالفسق والعصيان وقد أمرنا بأن نلاقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرة، أو هناك حالة من التعدي على فتاوى الفقهاء أو حكمهم فكيف يمكن نبذ هذا الخلاف.. وحتى على مستوى الاختلاف في الرأي الفقهي لا يمكن خلق جو من الوحدة الشيعية ولا يمكن حتى لأطروحة الشورى التي ينادي بها البعض أن تحقق ذلك. · النقطة الثالثة: قد يفهم إن هذا التوجيه للقضية ومعالجتها بهذه القراءة يعني التشدد في الجو الشيعي بينما هناك تسامح في جو العلاقة مع الآخر.. وهي وإن وسمت بذلك فلا بأس لأن التشدد في بعض الأحيان مطلوب لإصلاح الخلل وهو يعني تقويما له.. والخلل قائم في وجودنا كما هو قائم في وجود غيرنا. · النقطة الرابعة: من الأجدى بدل استهلاك هذا الشعار (الوحدة الشيعية) وتفويت الفرصة أمام الإصلاح الاجتماعي والفكري والروحي، أن نبحث في خطوط الخلل العامة لنلتقي عبر ما يمكن اللقاء به وفيه لإصلاح الخلل الكبير القائم في وجودنا.. وحسب ما في الأخبار أنه ستكثر الفتن في آخر الزمان، وهنا لابد من التأكيد على الثوابت والمرجعية الدينية والتراث لمواجهة هذه الفتن وعلى الأقل إذا لم يكن للحد منها فلتهيئة الجو والمناخ لظهور المصلح الذي نراه قريبا. · النقطة الخامسة: ومع كل ما نتشدد به في موضوع الوحدة الشيعية تبقى بشكل من أشكالها قد تحققت فأمامنا التجربة في البحرين، إذ التقى ويلتقي كثير من الفرقاء في مواقع تعبر ولو على مستوى الظاهر عن الوحدة الشيعية، وفي العراق فإن عنوان الإتلاف الشيعي أجلى عنوان على التجانس بالرغم من كل الخلافات والاختلافات، وكذلك في اللقاء الذي تم بين حزب الله وأمل بعد كل القتال العنيف الذي كان بينهم، وهكذا في كثير من المواقع الشيعية..
والله ولي التوفيق. |