قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالات الأستاذ حسين المحروس
 
إعادة الاعتبار للغلط..
جريدة الوقت - 2007/01/28 - [الزيارات : 6195]

إعادة الاعتبار للغلط..
رسائـل الهاتف عندمـا تضـل..

الوقت - حسين المحروس:

«أميرة حياتي.. أحبّك»
فلما فرغ عادل من كتابة هذه الرسالة الإلكترونية، اختار اسم ‘’أميرة’’ من قائمة أسماء هاتفه، أو هكذا ظن، ثمّ نقر نقرة واحدة على الزر الأخضر. ابتسم لأصدقائه على الطاولة: الوقت لهم، وأنّ رسالته التي تكتّم عليها جيداً، وتأكد من فعالية تكتمه قد أشعلت إضاءة هاتف ‘’أميرة’’، وأشعلتها أيضاً. ينتظر. يفحص هاتفه كل حين. متى يضيء؟ يرّن؟ يهتز فيهتزّ معه؟
عادل الذي لم يتجاوز 28 عاماً يقرّب الهاتف من عينيه فلا يبقي مجالاً لأن يرى أحد ماذا يكتب. وحدها ابتسامته تفضح ما برسالته. لديه قدرة غير عادية على كتابة الرسالة من دون النظر أحياناً إلى لوحة مفاتيح الهاتف. أصابعه على الحروف عيون. سألته مرّة: كم مرّة تنقر على زر الرقم ‘’’’8 لتختار حرف ‘’ك’’ وليس ‘’م’’؟ فقال ‘’اسأل إصبعي.. صدقني لا أعرف.. هي تعرف’’.
جاءه اتصال. ابتسم ثم احمرّ وجهه فجأة. تأفّف. ساق جملة تبريرات، قال ‘’هناك خطأ أكيد’’ سأله أصدقاؤه: ما الذي يحدث؟ فقال ‘’أرسلت الرسالة خطأ إلى سميرة بدلاً من أميرة.. لقد أخطأت في اختيار الاسم. العنوان. رأيت أميرة سميرة.. لقد أغلقت سميرة الهاتف في وجهي’’، لم يكتف الاتصال بإشعاله. لقد أحرق موقفه كلّه، وجزءاً من سيرته.
يحمل موظف الدرجة الخامسة ‘’عادل’’ هاتفين جوالين: الأول لهن، والثاني لهم. وعلى الرغم من قدراته في استخدام تقنية الهواتف الجوالة، وعلمه بأسرارها إلا أنّه يخطئ أحياناً. على قدر سرعة الإرسال يأتي الخطأ. السرعة من الشيطان، السرعة خطأ كلها.

عشق الغلط

المعلمة وربّة البيت ‘’زينب’’ أعدّت رسالة جنسية فاضحة. كتبتها على الهاتف الجوال في غياب أهل البيت. اختارت أوّل اسم من القائمة ‘’ابتسام..’’. انشغلت. لم ترسل الرسالة. تركت هاتفها ودخلت المطبخ. اقترب طفلها من الهاتف. أرسل الرسالة. حلو. لم تعرف زينب بذلك حتى استقرت الرسالة في هاتف مديرة مدرستها. أحلى وأحلى. تقول ‘’زينب’’ لقد دخلني من الحرج ما أدّى إلى إصابتي بإسهال شديد. ماذا أفعل الآن؟ كيف حدث هذا الغلط الكبير؟ لم أنم. وفي اليوم التالي تحاشيت النظر في وجه المديرة لكنها نادتني فيبستُ، قالت ‘’وصلتني رسالتك أمس’’ آه ليتني متّ. ثم أضافت ‘’المشكلة أنّ هاتفي يقرأ الرسائل الإنجليزية فقط فماذا كان محتوى رسالتك؟ قلت: لا بالغلط مديرة. ‘’.. الآن ارتحت’’.

الاختصاصي ‘’علي’’ أرسل رسالة عشق إلى جارته المتدينة في الوزارة بالغلط. لا ينسى علي ذلك اليوم. كانت جارته تكبره بسنين كثيرة، لا تبتسم للرجال، أمّا لخمسة أولاد أصغرهم في عمر علي نفسه.. لقد أخذ وقتاً طويلاً ليبرر غلطه حتى توقف زعلها بشكل ظاهري. بعد يومين أهدته نسخة من القرآن الكريم، ودعت الله أن يهبه الصواب لا الغلط.

الاختصاصية الاجتماعية (...) أعدّت رسالة تؤكد فيها موعد اللقاء لحبيبها، فأين استقرت رسالتها؟ تقول ‘’كتبتُ إليه: سوف أراك في المطعم المتفق عليه، وستكون معي صديقتي. أرسلت الرسالة مطمئنة منتظرة لقاءه الجميل، وما هي إلا لحظة حتى رنّ هاتفي: مَنْ هذا الذي سترينه في المطعم المتفق عليه مع صديقتك؟ كان صوت أخي. أرسلتها إلى أخي خطأ، لا أعرف لماذا؟ قلت له: صديقتي نسيت هاتفها فاستخدمت هاتفي الذي لا تجيد استخدامه، فسكت.. أظنه سكت.. متّ من الخوف ولو كتبت اسمه لكانت العاقبة مختلفة’’.

الحظ أخذ رسالة ‘’نيولوفر’’ من حبيبها ‘’محمد’’ إلى خالها ‘’محمد’’ أيضا. كتبتْ ‘’خلاص محمد. لم يعد بيننا حبّ. انتهى كلّ شيء. لا أريد أن أراك’’. فحصتْ قائمة ‘’الرسائل المرسلة’’ فوجدتْ رسالتها في هاتف خالها. تقول ‘’أصابني خوف عظيم. وقبل أن يهدأ روعي اتصل خالي يستفهم عن رسالتي، فقلت: إيه.. إنت خلاص مقاطعني خالي.. ما تحب تلتقي بي مثل الأوّل.. ما تحبني.. فاعتذر لكثرة مشاغله. أظنه كان مستغرباً من لغتي الجديدة معه فلم أناديه باسمه قط.’’



رسائل الليل

ربّة البيت ‘’هالة’’ استلمت ليلاً رسالة من مجهول ‘’نتقابل صباحاً مكان كل مرّة’’ تجاهلت الرسالة لجهلها بمرسلها. وفي الصباح لم يحمد القوم السرى.. امرأة على هاتفها تصبّ عليها أنواع النعوت واللعنات ‘’يا سارقة الرجل من النساء.. يا قليلة الحياء.. يا سودة الوجه.. يا (...)..’’ تقول هالة ‘’لقد اخذ الموضوع أبعاداً أخرى.. أخبرت زوجي بالموضوع فتدخل. وبعد يومين اتصل زوجها يعتذر لي. الغلط ليس في الرسالة لكنه في المرسل إليه. لماذا نخطئ أحياناً في اختيار الاسم/ رقم الهاتف؟ لماذا رأى عادل فتاته أميرة سميرة؟ لماذا نسيت زينب أنّ ‘’ابتسام..’’ هي مديرتها؟ على أيّ نحو تكون ردة الفعل؟ مّنْ له القدرة على تفادي كشف الآخرين له؟ محمد حبيبي، هو محمد خالي كيف يحلّ أحدهما مكان الآخر في النفس؟ بعد ذلك.. كيف يعمل نظام التبرير؟ هل هو العقل الباطن لفرويد أم هو شيء آخر مختلف؟ مَنْ هم الذين استغلوا الغلط؟ مّنْ الذين يرغبون في إعادة الاعتبار للغلط؟
لقد حدث مثل ذلك للطبيب النفسي الدكتور فاضل النشيط عندما وصلت رسالة يوم العيد تقول ‘’لك مني بوسة’’ يقول النشيط ‘’أدركت أنّ ذلك غلط. فالمرسلة التي أعرفها جيداً لا تفعل ذلك. كان بالإمكان أن أشكرها لكني لم أفعل، بعد قليل اتصلت لتصحح الغلط’’.

فرويد الغلط
يرجع النشيط حدوث ذلك إلى أكثر من سبب لكنه يضع فرويد في المقدمة ‘’يرى فرويد لا شيء اسمه غلط، وأنّ ذلك من عمل العقل الباطن بدلالات مقصودة. فهو يُملي على السلوك ما خفي من رغباتنا. هو يظهر مفردة ‘’أحبك’’ للشخص الذي لا تستطيع أن تقول له ذلك لأسباب كثيرة مختلفة. العقل الباطن غالبا ما يميل إلى كل ما هو غريب وغير مقبول تماماً. وقد يحدث ذلك الغلط لتقارب الأسماء مثلما حدث في ‘’أميرة وسميرة’’ لعادل. لكن ثمة مَنْ يدعي أنّه لا يقصد وهو يقصد. أي أن عقله الظاهر هو الذي يتحكم في سلوكه لهدف مضمر. هنا يتم اختبار المرسل إليه فربما يكون الضحية الجديدة. لا يمكن تفادي هذا النوع من الغلط فهو يحدث حتى الوسواسيين الذين يظنون أنّهم لا يغلطون، وأنهم يعيشون في الكمال. عندها تكون فضيحتهم مختلفة’’.

العين الغلط

بعيداً عن فرويد قريبا من التوتر العصبي وفوران المزاج يرى المصور الفوتوغرافي حسين علي ‘’أنّ هذا الغلط مسألة عصبية وليست بصرية. لقد حدث هذا الغلط عندي مرات كثيرة. قد أكون متوتراً عصبياً فيؤثر ذلك على البصر والسمع والذوق والشم وحواسي كلّها. التوتر الناشئ من الغضب أو الكره أو الحبّ يضلل البصر فيحدث الغلط. يجعلك ترى ما لا وجود له. ألا يحدث أنّك ترى أشخاصاً يمشون ولا أشخاص؟ هناك دارسات علمية ونفسية متعمقة في هذا الجانب، وبعضها في ما بعد النفس، أو ما يُعرف بالباراسيكولوجي. وقد يأخذك هذا إلى موضوع الوحي نفسه’’.
عندما يحدث مثل هذا الغلط فإنّ ردة الفعل تأتي من ثقافة الشخص، وممّا به في تلك اللحظة. ثمّة أغلاط قربت قلوب أشخاص حتى صاروا يفكرون في إعادة الاعتبار إلى الغلط. لكن لا تتشدد كثيراً في تأكيد صحة الاختيار. سيحدث الغلط على رغم كلّ حواس الدقّة فيك. سيكون اختيارك الدقيق جدا غلطاً، وسيكون التوزيع غلطا أيضا. كلّما بالغنا في الدقة بالغنا في الخطأ. وحدهم الذين لا يجيدون كتابة الرسائل الالكترونية على الهواتف لا يقعون في هذا النوع من الغلط. لذا ادخروا حواسهم لأغلاط أخرى.

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م