حينما جُلد آل عمّار جُلدت جميع حروف الأبجدية، وعلى الصخرة التي عانقت بلال تعانقت القوافي على سطحها لتهتف " أحد أحد " ، وها هي تلفّعت اليوم ببردة زهير بن أبي كعب وجاءت معتذرةً منكسرةً أمام عفو رسول الله ((ص)) !!
هُدهدُ الشعرِ يا مَلاكَ القصيدِ ... هَدهدِ الشوقَ في دِماءِ الوريدِ
واسكب الخمرَ ها هنا حانةٌ للــ ... ــشعرِ تسمو بخمرِكَ المشهودِ
واسرج الليلَ بالقصيدِ كبدرٍ ... شعّ في حلكةِ الظلامِ الشديدِ
يولدُ البدرُ حين يزدحمُ الـليــ ... ــلُ ويخبو في الظلمِ وجه الوجودِ
هكذا في قريش من ظلمةِ الجهـ ... ـــلِ وطيّاتِ فكرِها الملحودِ
جاء ياسين بالعدالةِ ، بالأحكامِ ... بالحبِّ ، بالصباحِ الجديدِ
جاء بدراً ليسكب النور فينا ... يسكب النورَ في فؤادِ العبيدِ
في الشبابِ النضيرِ في الشيخ في الأمّ ... وفي مهجةِ الرضيعِ الوليدِ
هكذا جاء في الزمانِ ليُحْيي ... هيبةَ الربِّ في الفؤادِ العميدِ
......
هدهدُ الشعرِ لم يعدْ في قصيدي ... غيرُ طيرٍ يهيمُ في التغريدِ
لم يعدْ في الفؤادِ حبٌ لسلمى ... و ربابٍ وعبلةٍ ورغيدِ
يا سعادٌ ! زهير ما عاد يشدو ... كِ قوافٍ بقلبهِ المعمودِ
لا وما ظلّ قلبهُ فيكِ متبو ... لاً ولا حنّ للقاءِ السعيدِ
ضجّ في قلبهِ أذانُ بلالٍ ... فانتشى بين ركعةٍ وسجودِ
ها هنا العشقُ ها هنا الحبُّ كونٌ ... في سجودِ العبيدِ للمعبودِ
......
هُدهدُ الشعرِ، في صبيحةِ بدرٍ ... حصحصَ الحقُّ واضحاً للوجودِ
جاءَ ياسينُ بالبسالةِ ، بالإسلامِ ... بالفكرِ ، بالسلامِ المجيدِ
فرقتْ أمةٌ ، ورقّتْ قلوبٌ ... وسمت أدمعٌ ، بدربٍ سديدِ
هكذا يولد الضياءُ بليلٍ ... حالكٍ عابسٍ ودربٍ كؤودِ
وأبو جهلَ في الهزيمةِ جاثٍ ... يلعقُ الجهلَ بالفؤاد الجحودِ
حيث عمّار يصرعُ السوطَ صرعاً ... في سبيلِ السما وربِّ الوجودِ
سيدي ، هالَ فجرُك الشمسَ حتى ... ثَمِلَت في بهاءِ فجرٍ فريدِ
فجرُ عزٍّ وثورةٍ وإباءٍ ... ووفاءٍ وصحوةٍ وخلودِ
سيدي ، جلجلَ الضياءُ بقلبٍ ... هائمٍ فيك مثل لحنِ النشيدِ
أيُّ دهرٍ يحويك أيُّ زمانٍ ... لم يته فيكَ كالسحابِ الشرودِ
سيدي هاك نبضَ قلبي قوافٍ ... نظمت في فضاءِ هذا القصيدِ
هاك حباً وأدمعاً واشتياقاً ... وفؤاداً من عاشقٍ مكدودِ
" سيدي أيها الضميرُ المصفّى" ... عَرْبَدَ الجهلُ في فؤادٍ حقودِ
فتمادى في الغيِّ يرمي محبَّ ... الآل حقداً بالشركِ في التوحيدِ
وإلى الفرسِ يرمي ولاءَ شعوبٍ ... متعباتٍ منْ أمسهِا المفقودِ
هاهنا الحقدُ ها هنا البغضُ كونٌ ... ذائبٌ في مباركٍ والسعيدي
نحن أصلُ البحرين من آلِ بكرٍ ... وتميمٍ منذ الزمانِ البعيدِ
نحن لم نأتِ فوق ناقاتِ ذلٍّ ... من صحارٍ بعيدةٍ أو بيدِ
......
هُدهدُ الشعرِ ، كم لنا من سجينٍ ... ألِفَ العيشِ بين فكّ القيودِ
كم لنا من مشرّدٍ وغريبٍ ... عن ثراه معذبٍ وشهيدِ
لمْ نزلْ نجرعُ الجراحَ جحيماً ... من عذابٍ منذ الزمانِ العهيدِ
عقمتْ كلُّ ضحكةٍ فشفاه الــ ... ـــشعبِ ضاقتْ بثغرها المنكودِ
ضجَّ كونٌ من الجراحِ عصيبٌ ... ذبلتْ فيه زاهياتُ الورودِ
أيُّها الحاملونَ للشعبِ نعشاً ... من عهودٍٍ جريحةٍ ووعودِ
أين حقُّ الشهيدِ والقاتلُ المأ... جورُ يختال بين عيشٍ رغيدِ ؟!
أين حقُّ السجينِ والقيدُ في كفّـــ ... ــــيه ما زالَ مثقلاً بالحديدِ ؟!
أين حقُّ الجياعِ والجوعُ جيشٌ ... كجرادٍ بيقظتي وهجودي ؟!
أين حقُّ الإله هلْ يا ترى في ... سنِّ قانونٍ مارقٍ ويهودي ؟!
ثقلتْ هذهِ الجراحُ وما زالَ ... هنا الصبرُ رغمَ نقضِ العهودِ
ومحالٌ يظلُّ في القلبِ صبرٌ ... إن شكى الدينُ يا بلادَ الجدودِ
والحمد لله رب العالمين
|