طبل النعيم يالخابه ... خله المخارقة هاربه
كريم المحروس
22/1/2009م
عرف عن أهالي النعيم في مواسم عاشوراء شدة بأسهم في تسيير موكب الشعائر . فإذا قيل لأحد ممن يعرف طبائع أهالي النعيم أن موكب النعيم وصل إلى نقطة الالتحام مع الدائرة التقليدية لمسار مواكب المنامة؛ وضع يديه على رأسه توجسا وكل أمله أن يتجاوز هذا الموكب تلك النقطة بلا حوادث جانبية يكون ضحاياها في الأغلب الأعم بعض من (اللوفرية) أو من المستهزئين المستخفين بالشعائر .
الرمز الشائع بين أهالي المنامة والمُعرِف بطبائع أهالي النعيم وحرصهم على نظام وهيبة موكبهم يتلخص في هذه الجمل: (طبل النعيم يالخابه ... خله المخارقة هاربه). ويشير الرمز هذا إلى الطبل الضخم طليعة موكب النعيم ومقدمته وله من شدة الصوت وعلوه ما يشق سكون بيوت المنامة ويرج أزقتها في هيبة - يشير هذا الطبل الضخم إلى وصول المسيرة المهيبة للتشابيه التي تعتلي ظهور الخيول أو تفصل بين مراتبها، وللسيوف التي تتراقص بين أمواج بشرية بيضاء مضمخة بدماء الهامات المطبرة، ولسماطي الزنجيل المتحرك بانسيابية رائعة، وللحلقات المتداخلة لموجات ضرب الصدور التي تتباعد لها الناس على طرفين تعظيما للمصاب وتفخيما لحركة الحشود المعزية.
كتم طبل النعيم (الخابة) أنفاسه .. توقف عن أداء دوره في مواسم عاشوراء بين بيوت المنامة وأزقتها من بعد تحديات كثيرة اعترضت موكب النعيم بمجمله، ومنع من الاندماج مع مواكب المنامة حتى انكمشت حركته في الدائرة التقليدية النعيمية المعروفة في أيامنا هذه حتى قال قائل في المنامة : (طبل النعيم يالساكته خله المخارقة باهته).
منذ ثلاث سنوات تقريبا بدأ الحديث في منطقة النعيم عن (الطبل الخابه) العائد إلى المنامة بكل توابعه وأشكال مواكبه وهيبته المعهودة بين مواكب المنامة. فكانت الانطلاقة الأولى سجلت على جهد مبارك تزعمه عدد من شباب النعيم الطموح الذائب بجنون في حب الحسين (عليه السلام).. شباب نشط على عزمة واحدة موحدة جامعة لكل ألوان التقليد المرجعي بلا فواصل أو حواجز ، فسجلوا للنعيم و(المخارقة الهاربه) معا أول حركة مباركة نحو العودة لأمجاد (طبل النعيم) الأول المهيب ، ومازالوا يسجلون مظاهر العودة تلك.
هناك طاقات شبابية هائلة في منطقة النعيم تصرف في خلافات ونزاعات لا معنى لها كلما أطل موسم عاشوراء بمصابه على هذه المنطقة الرائعة في تعدد هواها السياسي والمرجعي والثقافي. وأظن أن هناك أذهانا تميل إلى فرض حزبية مرجعية ضيقة بثورية لا تنسجم مع طبيعة العلاقات والتقاليد الاجتماعية الدارجة. ويؤسف لهذه الأذهان جهلها بطبائع أهالي النعيم الحريصين على إعطاء كل ذي حق حقه في التعبير عن الهوى السياسي والتقليد الديني والثقافي ففي ذلك إشباع لرغبة أكيدة في ترميم الثقة وعودتها بين الأهالي من بعد ضمور حجم (الطبل الخابه) ونزوع إلى إعلاء شأن الشعائر بكل ألوانها ووجاهتها لخدمة أهل البيت عليهم السلام من بعد الانقطاع غير المبرر عن عهد (المخارقة الهاربه). ولا حرج عند أهالي المخارقة في الهرب إذا ما تحقق لهم شأن معظم لشعائر أهل البيت (عليهم السلام) كشأن عدوة موكب النعيم إلى ميدانه الأكبر. |