الرئيسية | التقويم الشهري | راسلنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
من أجل مقاربةٍ أكثر وعياً لما يسمّى بجماعة «السّفارة»
صحيفة الوقت - كريم المحروس - 2008/10/31 - [الزيارات : 6080]

مناوشة في جعْلٍ ثقافي متأزّم..
من أجل مقاربةٍ أكثر وعياً لما يسمّى بجماعة «السّفارة» «2-2»

كريم المحروس
الوقت - العدد 984 الجمعة 2 ذو القعدة 1429 هـ - 31 أكتوبر 2008

قبل مرحلة تصعيد الخطابات في الحسينيات ضد جماعة ما يُسمّى بـ 'السفارة'، التقيتُ، ولمدة ثلاث ساعات تقريباً، بأحد الرّموز التنظيمية القيادية لحزب الدعوة ممن تابَ عن تبنّي فكرة 'السفارة'، ورفع لواء الحرب ضدّ دعاتها. فأخذتُ عنه تفاصيل رحلته، ابتداءً من مرحلة التبنّي وانتهاءً بمرحلة التوبة والانفصال عنها. فأقرّ في منتهى الحديث ما ارتآه نظري من قبل حول نشوء فكرة 'السفارة' بوصفها حالاً عاطفية بسيطة جداً لم تكن لتستحق غير مراحل علاج تراتبي مناسب وتسوية حزبية داخلية مرضية، عوضاً عن كلّ هذه المناكفة والضجّة والفتاوى والحشد الجماهيري الهائل. ولكن فكرة مواجهة 'السفارة' بالمقاطعة - بحسب رأي هذا الرّمز الدعوي - قد أتى على بنيتها القيادية الداخلية وقضى على أسسها، ولن تقوم لها قائمة من بعد ذلك قطعا!

ذكّرته بأيام النّضال الأولى، وكيف كانت علاقتنا الوثيقة المتبادلة في العمل الثقافي الجماهيري البسيط جداً رغم طغيان موجة التصعيد الخطير الذي أجّجته خلافات تياري المرجع 'الشيرازي' و'الدعوة'، ولم يكن أحد منا يأبه بها وبمخلّفاتها السّلبية.
لقد عجبتُ لعلم الرّمز التنظيمي المذكور التفصيلي والقاطع بأحوال أتباع مدرسة المرجع الشيرازي، وهم من أكثر الناس تشدداً ضد الفكرة المجعولة حديثا بإعادة النظر في بعض ضرورات التشيع القاضية بفرض مراجعات ثقافية جذرية تاريخية وعقدية وتوابعهما الفكرية، تمهيداً لصناعة مبادئ التقريب المذهبي والاعتدال الحزبي السياسي. وترى هذه المدرسة الفقهية في المراجعات التي تبناها التيار الأصولي الساحق في البحرين قصوراً ثقافياً وعلة محكمة من علل ظهور الابتداع في العقيدة المهدوية وغيرها الأشد خطورة، كمعتقد وحدة الوجود والموجود الذي يمسّ جوهر عقيدة التوحيد ويُروّج اليوم له عبر وسائل إعلامية مختلفة،بل إنّ بعض المثقفين الشيرازيين المتشددين باتوا يعتقدون بأن مرشد الإخوان المسلمين الرّاحل حسن البنا هو المفكّر الحاكم على دعوات التجديد وإصلاح عقائد وفقه التشيع، ولا تعدو هذه الدعوات عن كونها خاضعة لمنهج الإخوان بشكل غير مباشر، وتخلو من أية أصالة ثقافية شيعية. وتأسيسا على ذلك، بات القول بوجود علاقة بين نشوء فكرة 'السفارة' ودور'شيرازي' اختلاقاً سياسياً وتجنيّاً وافتراء، وتطرّفاً مستهجنا في المناوشة إلى حدّ التمرد على النصّ الشرعي.

ما يُسمّى 'السّفارة'.. من العاطفيّة إلى الظاهرة

خالفتُ بعض قياسه في وجود نتائج قاضية للفتاوى والمقاطعة ضد جماعة 'السفارة' يُعتدّ بها، لأن مجتمعنا كان يغطّ في سباتٍ وبيات شتوي، والبلاد كلها صيف لاهب، وإنْ صحا من سباته فعلى وقع جعجعة السياسة لا الوعي الثقافي، فمن أين للنتائج هذه أن تأتي؟! استبنت له كلّ الدلائل الملموسة القائلة بأن 'السفارة' انتقلت على حدة الفتاوى المضادة وضجة المقاطعة من كونها 'حالاً عاطفية' بسيطة مبنية على سكينة الأحلام ويسهل علاجها، إلى 'ظاهرة' ثقافية واجتماعية خطيرة معقّدة تستعصي على الحلّ، وسيدفع ثمن تضخّمها شقّ التيار الأصولي الذي استجمع قواه بالأمس في مرحلة نشوء 'السفارة'، وألّب الشارع والمرجعيات في معركة الحسم ضدها. وعندها سيصدق حدس الأخبارية الذين اعتزلوا هذه المعركة! وقد تأكّد لي ذلك من خلال مشاهدات ميدانية اضطررتُ في منهج استحصالها إلى حضور ندوة عقدت في 'جمعية التجديد الثقافي' مرافقاً لبعض الأصدقاء الشيرازيين، كانت لنائب مدير تحرير جريدة 'الوقت' وعضو جمعية 'وعد' السيدرضي الموسوي بعنوان 'دور الصحافة في تعزيز المواطنة ومعالجة الطائفية والتمييز'. فتأكّد لي من خلال استقراء المشاهدات هذه أن 'السفارة' أصبحت 'ظاهرة' بـ 'الفعل'، بعد أن كانت 'حلما عاطفيا' مثيراً، لكني لم أكن لأقطع أمراً وأبتّ في شيءٍ يُوحي ببقاء فكرة 'السفارة' على هيئتها الثقافية الأولى أو عدمها عند أعضاء الجمعية، فذلك أمر أجهله مطلقاً، وأفضّل أن يكون مرهوناً بلجنة استقراء واحتواء عمدتُها بعض العلماء المتخصصين أرجو تشكيلها بديلاً عن فكرة 'المقاطعة' وامتداداً لمبدأ 'النصح' الذي ورد في فتوى آية الله العظمى السيدمحمد رضا الكلبيكاني الصادرة في (24 ربيع الأول 1411هـ) وأصاب بها الواقع في قوله: 'ينبغي للمؤمنين أن ينصحوا الشخص المذكور ليرتدع عن أعماله وادعائه'. واعتقد أن كلفة المقاطعة والفتاوى على الصّعد الاجتماعية كانت ضخمة جداً، ولو أنها صُرفت على مبدأ الاحتواء والنصح في العقود الماضية لما شهدنا اليوم بدعة أو ظاهرة تمرّد على النص الشرعي وضروراته.

في جميع الأحوال، أقدّرُ كلّ المظاهر الأخيرة التي حاولت بسط سلوك التآخي مع تيار المرجع الشيرازي وتناسي هفوات الماضي، والاعتدال الأخير في الخطاب الموجّه لفتح أبواب اللقاء مع مختلف أطياف البيت الوطني الذي يحتضن الجميع في إطار جغرافي وتاريخي وزمني موحّد، نحن مسؤولون فيه بالدّرجة الأساسية عن صناعة وصياغة واقع يسمو بكثير على مناوشات الكسب السياسي غير المشروع. كما أرى أيضا في 'المناظرات' و'النصح' مع ما يُعرف بجماعة 'السفارة' أو أعضاء جمعية 'التجديد' وظيفة حضارية معقّدة تتجاوز بعناصرها وأدواتها - فضلاً عن نتائجها الإيجابية - وظيفة مشروع 'المقاطعة' وأكثر منها دقة إذا ما أحسن الجميع استخدامها.
فمتبنى 'المقاطعة' ضد كلّ تيار منافس أو لا ينسجم مع النصّ الديني وضروراته لا يخرج في عالم الانفتاح الحضاري الكبير عن كونه مظهراً بارزاً من مظاهر العجز الثقافي والاجتماعي، وأكثر دلالة على مبتغى الهروب عن تحمل المسؤولية في أداء الواجب على أكمل وجه، وأجلى شهادة على الغياب الصارخ للكفاءة العلمية في ساعة لا تعزب فيها عن أحد فكرة أو نظرية ثقافية إذا ما سعى لكسبها من خلال هذا العدد الهائل من وسائل الاتصال. كما لا عذر للقائلين بأن مجتمعنا لم يكن يمتلك الوعي الكافي للتباين مع فكرة 'السفارة' عند بدايات منشئها فكان اللجوء إلى الفتاوى والمقاطعة خير منقذ؛ لأن في هذا القول كشف لمسؤولية بناء ثقافي خطير عمرها يربو على العقدين من الزمن تكفي للشهادة على الهروب الكبير من قبل أصحاب الشأن الثقافي بين مختلف التيارات الأصولية والأخبارية عن الأداء الأمثل، والانحياز لصالح مناوشات سياسية ذهب ريحها وتفاقمت تبعاتها حتى أصابت مجتمعنا في مقتل، وخلّفته طريحاً على فراش الجمود والتواكل، ثم اكتفى كبار قومنا بين ذلك بفرض الوصاية والولاية. فأين هذا البناء، وأين مظاهره في واقع الحال، وهل وصل مجتمعنا منذ تلك المرحلة حتى الآن إلى مستوى ثقافي يؤهّله لكسب وعي تفصيلي بوقائع بيئته الاجتماعية ومحيطه الثقافي ويستقلّ به في مجيئه ورواحه؟!

نشر:
 
جميع التعليقات تعبر عن رأي صاحبها
 
الاسم التعليق
بحران
التاريخ:2021-01-08

اذا كنت مطلعاً حقاً على افكارهم فلن تتفوّه بهذا المقال، فهؤلاء ليسوا اهل حوار ونقاش، ولله الحمد فقد أصاب فقهاؤنا العظام أعلى الله مقامهم بحق بدعوتهم للمقاطعة التامة للفسقة وإلا لخسرنا الكثير من ابناء مذهبنا. راجع الخديعة الكبرى لنرجس طريف تجد فيه الحقائق<a href="https://www.ukreplicaswatch.co.uk/">ukreplicaswatch.co.uk</a>
<br><br>
<a href="https://www.rolexreplicasuk.org/">rolexreplicasuk.org</a>
<br><br>
<a href="https://www.iwcreplicashop.com/">iwcreplicashop.com</a>
<br>

 
اكتب تعليقك هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
 
أقسام الشبكة
 نبذة تاريخية أنشطة وفعاليات
 مقالات تعازي
 شخصيات أخبار الأهالي
 إعلانات النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية ملف خاص
 خدمات الشبكة المكتبة الصوتية
 معرض الصور البث المباشر
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2025م